التفاسير

< >
عرض

وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَـٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ
٤٦
-القصص

تيسير التفسير

{ وما كُنْت بجانِبِ الطُّور إِذْ نادَيْنا } موسى أنى أنا الله رب العالمين، أو بجانب الغربى استنباء، وفى جانب الطور أنزل التوراة، وعن أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم فى معنى الآية: يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألونى، وغفرت لكم قبل أن تستغفرونى، واستحبت لكم قبل أن تدعونى، وسبقت رحمتى غضبى، فذلك النداء من جانب الطور والرحمة المذكوران، ويروى أنه تعالى ناداهم فأجابوه من الأصلاب والأرحام: لبيك اللهم لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك فقال لهم: يا أمه محمد أعطيتكم إلخ ويروى أن هذا النداء لهذه الأمة إذ طلب موسى أن يسمع أصواتهم، فأجابوا أنت ربنا حقاً، ونحن عبيدك حقا، وفى ذلك اتصال بالمقام لا منافاة، ووقع الاتصال أيضا بباقى الآيات.
{ ولكن } أنزلنا إليك القرآن المشتمل على ذلك، أو أعلمناك بذلك { رحمةً } لأجل رحمة عظيمة { من ربِّك } مقتضى الظاهر منا، وجعل مكانه من ربك تشريفاً له بخطابه، وإضافة الرب إليه إشعار بمزيد الرحمة والتأكيد { لتُنْذر قوماً } قريشا ومن معهم، وأهل عصرك متعلق بانزل أو اعلم الناصب لرحمة، فيلزم تعليل شىء بعلتين بلا تبعية، فتقول: لتنذر علة لمجموع رحمة، ومعللها الذى هو الإنزال أو الإعلام، أو علة لرحمة أو ننصب رحمة على المفعولية المطلقة، أى لكن رحمناك رحمة، فتكون علة واحدة أو علة لمحذوف، أى جعلنا ما ذكر من إنشاء القرون المتطاولة ومن الإرسال إليك، بما وقع لمن قبلك، وبالقرآن لتنذر قوماً { ما أتاهم من } صلة فى الفاعل { نذير } رسول الجملة نعت قوماً { من قبْلكَ } متعلق بأننى أو نعت أو حال من نذير { لعلَّهم يتذكَّرون } ليتذكروا بإنذارك، وإن جعلناها للترجى مجازا على ما مر آنفا أو للترجية، فذلك إنشاء محكى بحال محذوفة، أو نعت لقوما، أى مقولا فيهم: { لعلهم يتذكرون } وكذا فى مثله.