التفاسير

< >
عرض

مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ وَلَـٰكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
١١٧
-آل عمران

تيسير التفسير

{ مثَلُ } صفة { مَا يُنفِقُونَ } ينفق المشركون تقربا إلى الله على الفقراء والأرحام، وفى تجهيز جيوش الكفر كأبى سفيان يوم أُحد ويوم بدر، وعَلَى الأصنام وسدنتها وشأنها وخوفا ورثاء كإنفاق المنافقين، وكان نفاقهم بإضمار الشرك، وإنفاق اليهود علىعلمائهم لتحريف التوراة، والذى أقول به إن المراد ما تصدقوا به تقرباً إلى الله، لقوله تعالى، وما ظلمهم الله { فِى هَذِهِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمُثَلِ رِيحٍ } كمثل مهلك ريح، بفتح اللام، وهو الحرث { فِيَها صِرٌّ } حر أو برد أو صوت من تلك الريح، أو من النار، فى تلك الريح، وأما، إن جعلنا الصر نفس الريح الباردة أو الحارة، فالمعنى كمثل ريح بعضها صر أى حار أو بارد، أو تأكيد كقولك برد بار، أو فيها برد بارد، كجد جده { أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ } زرع قوم { ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ } بالكفر والمعاصى، قيد القوم بالظلم ليدل على المبالغة، لأن الإهلاك عن السخط يكون أشد { فًأَهْلَكْتهُ } فلم ينتفعوا به، كذلك لا ينتفع دينا وأخرى المشركون بما أنفقوا من أموالهم ولو فى تقرب إلى الله، لم تقبل صدقتهم ولم يؤثر إنفاقهم فى عداوة الإسلام شيئاً { وَمَا ظَلَمهُمُ اللهُ } بتضييع نفقتهم أو ما ظلم أصحاب الحرث بإهلاكه { وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } بوضع النفقة فى غير محلها وبالبقاء على وصف لا تقبل معه نفقة ولو وضعت فى مواضعها، وهو الشرك أو يظلمون أنفسهم بفعل ما يعاقبون عليه بإهلاك حرثهم، فالضمائر للمشركين، أو لأصحاب الحرث وأما الضمير فى ظلموا أَنفسهم فلأصحاب الحرث.