التفاسير

< >
عرض

فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ
٢٠
-آل عمران

تيسير التفسير

{ فَإنْ حَآجُّوكَ } جادلوك فى الدين يا محمد، أو أتوك بحجة فى زعمهم، قابلوا بها حجتك المحقة، أو سمى دعواهم حجة تهكماً، أو للمشاكلة، والواو للناس مطلقا، أو أهل الكتاب، أو وفد نصارى نجران { فَقُلْ } لهم { أَسْلَمْتُ } أخلصت { وَجْهِىَ } أى ذاتى ومقاصدى، فعلا أو تركا، وخص الوجه لشرفه، فغيره أولى لاشتماله على البصر واللسان والذوق والسمع والشم، وهو معظم ما يسجد به، وبه التوحيد إلى كل شىء { لِلّهِ } فله اعتقادى وقولى وعملى طبق ما أمرنى ونهانى { وَمَنِ اتَّبَعَنِ } أسلمت أنا ومن اتبعنى أو مع من اتبعنى، وذلك ظاهر، ليس مما أجادلكم فيه، أو حاجهم بأنى متمسك بما أقررتم به من وجود الصانع وكونه أهلا للعبادة، والواو للمعية، أى مع من اتبعنى بإسلام وجهه أو عاطفة على التاء للفصل، عطف معمولين، أَحدهما محذوف، على معمولى عامل، أى من اتبعنى وجهه، بنصب وجه عطفا على وجهى { وَقُل لِّلَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ } جنس الكتاب، اليهود والنصارى والصائبين { وَالأُمِّيِّين } من لا كتاب له يقرؤه أو يكتب كمشركى العرب، أو هم مشركو العرب، والكتابة فى العرب قليلة، أو أراد من لا كتاب له ولو كان يقرأ ويكتب كبعض العرب { ءَأَسْلَمْتُمْ } اسلموا، كقوله، فهل أنتم منتهون، وهل أنتم شاكرون، أى انتهوا واشكروا إذ جاءكم ما يوجب الإسلام، أو تقرير أو استبطاء، كقولك لمن بالغت له فى البيان هل فهمت، أو توبيخ، أى أم بقيتم على كفركم { فَإنْ أَسْلَمُوا } كلام من الله، لا من القول، وإلا قال أسلمتم إلا على الالتفات لكن يرده فإنما عليك البلاغ { فَقَدِ اهْتَدُوا } الاهتداء نفس الإسلام، ولا بد من مغايرة الشرط والجزاء فإما أن يكتفى بمغايرتهما مفهوما، ولو اتحدا ما صَدَقاً، وإما أن يجعل اهتدوا كناية عن لازمه، أى نفعوا أنفسهم، أو يقدر فازوا، لأنهم قد اهتدوا، وأولى من ذلك أن المراد، فإن أسلموا فإسلامهم انتفاء للضلال، والمكلف فى الضلال ما لم يسلم، وهؤلاء لا يرون الإسلام اهتداء { وَإن تَوَلَّوْا } أعرضوا عن الإسلام، أى بقوا على الإعراض { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ } أى أهلكوا أنفسهم، أو ما ضرُّوا إلا أنفسهم، لأنه ما عليك إلا تحصيل البلاغ، أو إلا التبليغ للوحى، وقد بلغته { وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ } وعد للمحسنين ووعيد للمسيئين، ولا يلزم أن تكون الآية قبل الأمر بالقتال، وأن الآية نسوخة، وأن المعنى إنما عليك البلاغ وحده لا مع القتال، لجواز أن يكون المعنى إنما عليك البلاغ لا التوفيق، وهذا صحيح قبل القتال وبعده.