التفاسير

< >
عرض

مِن قَبْلُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ
٤
-آل عمران

تيسير التفسير

{ مِنْ قَبْلُ } من قبل تنزيل القرآن أو من قبلك، ومعلوم أنه قبل، ولكن ذكر مبالغة في البيان، أو ذكر تلويحا بأنه أنزلهما قبل إرهاضا لك كما قال { هُدًى لِلنَّاسِ } من الجهالة، ولو غير بنى إسرائيل، لأن فيهما التوحيد والإنكار على من يجعل المخلوق خالقا، أو يصف الله بالولادة، وفيهما التبشير بالنبى صلى الله عليه وسلم { وَأَنزَلَ الْفُرْقَانَ } سائر الكتب للفرقة بين الحق والباطل، أو تعميم بعد تخصيص، أو القرآن فيكون ذكر أولا باعتبار تنزيله منجما، كما قال نزل بالتشديد، وذكره الآن باعتبار إنزاله جملة إلى السماء الدنيا، أو باعتبار وصفه، وهو الفرق بين الحق والباطل، أو بعض الآيات منه وهى التى فيها الفرق أو الزبور لأنه ولو لم يكن إلا وعظا، كما جاء به أثر، لكن الوعظ أيضاً فارق، أو المعجزات لأنها فارقة بين من يدعى النبوءة محقا ومن يدعيها مبطلا { إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا } من اليهود والنصارى وغيرهم، أو المراد من نزلت فيهم الآيات { بِآيَآتِ اللهِ } القرآن أو غيره من المعجزات، أو القرآن { لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } با قتل ونحوه، ونار الآخرة لكفرهم { وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انتقِامٍ } عظم لا يمنع من مراده، ولا يطلق انتقامه، والانتقام الإضرار جزاء، سواء كان حقا كما هنا، أم باطلا، كما في قوله تعالى: { وما نقموا منهم... } الآية، فإنهم أضروهم جزاء لإيمانهم، إذ حسبوا الإيمان سواء، وهو تأكيد للمدح بطريق الذم، ولم يقل منتقم مع أنه مختصر للفاصلة، ولأنه إنما يقال: صاحب سيف لمن يكثر القتل، لا لمن معه سيف مطلقا.