التفاسير

< >
عرض

هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ
٦
-آل عمران

تيسير التفسير

{ هُوَ الَّذِى يُصَوِّرُكُمْ } التصوير جعل الشىء على صورة لم يكن عليها، والصورة هيئة يكون عليها الشىء بالتأليف { فِى الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآء } أى على أى حال شاء أن يصوركم، فالله حي، إذ لا يفعل إلا الحى، ولا سيما أنه عالم بكل شىء فلا بد أن يكون حيا، والسياق إنا هو للوعيد والتحذير من عقاب من هو مطلع عليهم، إذ هو الذى يصور الصور المختلفة بالذكورة والأنوثة، والحسن والقبح، والسواد والبياض، والطول والقصر، والكبر والصغر، وغير ذلك، وليس من التصوير السعادة والشقاوة وكونهم نطفا أو علقا أو نحو ذلك، ولو كان عيسى إلها لم يصور في الأرحام، وينتقل من طور إلى طور، فهو من جملة من خلق الله، والمخلوق لا يكون خالقاً، وكان عليه السلام يصو صورة خفاش، ويقول، يا حى يا قيوم، أحيها، فيحيا، وفي إثبات المشيئة رد على الفلاسفة القائلين بالطبع، وأيضا الطبع يحتاج إلى طابع، فيتسلسل أو يدور، وتصويره في الأرحام من جملة القيومية، وكيف حال من ضمير يصور، أو مفعول مطلق، أى تصوير { لآ إِلَة إلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ } فهو متقن لفعله، لأن الغلبة تقتضى القدرة التامة، والجملة تأكيد لما قبلها، ومبالغة في الرد على مثبت ألوهية عيسى، إذ لا عزة له يستقل بها، ولا قدرة ولا علم تامين.