التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً
١
-الأحزاب

تيسير التفسير

{ يا أيها النبَّي } تارة يناديه بالنبوة او الرسالة زيادة لتحقيقها وتفخيما له صلى الله عليه وسلم، وتارة يذكر اسمه محمدا وأحمد مع ذكر الرسالة، او الانزال ليه، فيعلم انه المراد بالنبوة والرسالة حيث لم يذكر معهما قيل:

صلوا على المختار فهو شفيعكم فى يوم يبعث كل طفل أشيبا

وقيل:

يا امة المصطفى يا أشرف الامم هذا نبيكم المخصوص بالكرم

وقيل:

يا مؤمنين بخير الخلق كلهم صلوا على المصطفى يا سادة الامم

{ اتَّق الله } بترك المعاصى، ومتابعة قومك، اى دم على ذلك، وهو تأكيد له ولمن معه، او بترك نقض العهد بينك وبين قومك { ولا تطع الكافرين } المشركين { والمنافقين } الذين وجدوا بألسنتهم، وأضمروا الشرك، فان النفاق يطلق على ذلك، ويطلق على فعل الموحد من قلبه ولسانه الكبيرة، وكلاهما واقع فى زمانه صلى الله عليه وسلم.
روى ان الوليد بن المغيرة، وشيبة بن ربيعة، وأبا سفيان بن حرب: عكرمة بن أبى جهل، وأبا الاعور عمرو بن سفيان السلمى، قدموا المدينة بعد احد، وقد اعطاهم النبى صلى الله عليه وسلم الامان على ان يكلموه، ونزلوا على ابن ابى رأس المنافقين، وقام معهم عبدالله بن سعد بن ابى سرح، وطعمة بن أبيرق وقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اترك ما تدعونا اليه نعطك شطر أموالنا، قال شيبة: وازوجك بنتى، وخوفه اليهود والمنافقين فى المدينة انه ان لم يرجع قتلوه، فنزلت الآية.
وروى ان أبا سفيان، وعكرمة بن أبى جهل، وأبا الاعور، واسمه عمرو بن ابى سفيان السلمى، قدموا اليه فى زمان المعاهدة، وقام معهم من اهل المدينة عبدالله بن ابى، ومتعب بن قشير، والجد بن قيس، فقالوا: لا تذكر آلهتنا بسوء، وقل: انها تشفع وتنفع وتشفى، وندعك وربك، وشق ذلك على النبى صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، حتى هموا بقتلهم، فنزلت الآية، نهيا لهم عن قتلهم.
وقال عمر: دعنى يا رسول الله اقتلهم، فقال صلى الله عليه وسلم وعلى آله:
"قد أعطيتهم الأمان" وقال عمر: اخرجوا فى لعنة الله وغضبه، وامره ان يخرجهم من المدينة، وقيل: نزلت فى وفد ثقيف اذ طلبوا منه ان يسلموا على ان يمتعهم باللات والعزى سنة، قالوا: لتعلم قريش فضلنا، وقدم الامر بالتقوى لان المؤمنين هموا بالقتل لا بالطاعة، واكد ذلك تأكيدا جمليا بقوله: { إنَّ الله كان عليما حكيما } عظيم العلم والحكمة، وكثيرهما فلا يأمرك او ينهاك الا على الوجه الحق.