التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً
٩
-الأحزاب

تيسير التفسير

{ يا أيها الَّذين آمنُوا اذكُروا نعمْة الله عليْكم } حال من نعمة بمعنى نفس الشئ المنعم به، او متعلق به على المعنى المصدرى، اى الانعام عليكم، كذا قوله: { إذْ جاءتكم جُنودٌ } او متعلق بمحذوف حال من المستتر فى عليكم، اذا جعلنا عليكم حالا او خارج عن الظرفية الى معنى المفعول، على انه بدل من المفعول به، وهو نعمة بدل اشتمال، ووقت مجئ الجنود وقت الاحزاب، وهم قريش يقودهم ابو سفيان، وبنو اسد بطليحة، وغطفان بعيينة، وبنو عامر بعامر بن الطفيل، وبنو سليم بابى الاعور السلمى، وبنو النضير بحيى بن اخطب، وابناء ابى الحقيق، وبنو قريظة بكعب ابن اسد، كان بينهم وبينه صلى الله عليه وسلم عهد فنبذه بما فعل حيى من السعى، وهم عشرة آلاف او اثنا عشر او تسعة عشر اقوال.
سمع صلى الله عليه وسلم بهم فأحاط المدينة بخندق باشارة سلمان الى ما يفعلون بفارس، امر صلى الله عليه وسلم بأربعين ذراعا لكل عشرة، وعسكر صلى الله عليه وسلم بثلاثة آلاف، وجعل النساء والذرارى فى الاطام، ومضى قريب من شهر لا حرب الا بنبل وحجارة، وبينهم الخندق، واقحم عمرو بن عبد ود، وكان يعد بألف فارس، وعكرمة بن ابى جهل، وضرار بن الخطاب، وهبيرة بن ابى وهب، ونوفل بن عبدالله وجده، ومنبه بن عثمان بن عبدالدار ونحوهم، خيولهم من مكان ضيق، فدخلت فأخذه على ونفر، وقتل عمرا وقتلوا منبه بن عثمان ونوفلا وجد نوفل فى الخندق اذ هربوا بالحجارة، اذ قال جده اولى من هذا ان ينزل الى بعضكم، فأقاتله فنزل اليه الزبير بن العوام فقتله، وقيل: طعنه على فى ترقوته حتى اخرجها من مراقه، ومات فاشتروا جيفته بعشرة آلاف، فقال صلى الله عليه وسلم:
"هى لكم لا نأكل ثمن الموتى" وسيأتى انه قتل من الاحزاب اربعة، ومن المؤمنين ستة، وأنزل الله النصر كما قال:
{ فأرسْلنا عليْهم ريحاً } ريح صبا باردة فى ليلة { وجنودا } ملائكة الفا { لم تَروْها } ابردتهم الريح، وسفت التراب فى وجوههم، وقلعت الملائكة الاوتاد، وقطعت الاطناب، واطفأت هى والريح النيران، وكفأت القدور، وماج بعض الخيل فى بعض، وكبرت الملائكة فى جوانب العسكر، فقال طلحة بن خويلد: بدأكم محمد صلى الله عليه وسلم بالسحر النجاء النجاء، ودنا حذيفة منهم ليأتى بخبرهم، فما وجد الريح جاوزتهم شبرا، ورأى رجلا ادهم ضخما يقول ليده على النار، ويمسح خاصرته ويقول: الرحيل لا مقام لكم، قال والله انى لأسمع ضرب الحجارة فى رحالهم، وضرب الريح لهم، فرجعت الى النبى صلى الله عليه وسلم، ولما بلغت نصف الطريق اذا بأربعين فارسا متعممين فقالوا اخبر صاحبك ان الله تعالى كفاه القوم، وهم ملائكة.
{ وكان الله بمَا تعمْلونَ } من حفر الخندق، وترتيب مبادئ الحرب، والتجائكم الى الله تعالى، ورجائكم من فضله، وزلزال المؤمنين لا ينافى ارادة اعلاء الدين، والالتجاء اليه تعالى ورجاء فضله، وايضا التزلزل حادث بل يأتى تفسيره ان شاء الله { بصيرا } ولذلك نصركم.