التفاسير

< >
عرض

وَيَرَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ ٱلْحَقَّ وَيَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَمِيدِ
٦
-سبأ

تيسير التفسير

{ ويَرى } يعلم { الَّذين أوتُوا العِلْم } من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين، وهكذا والمشركون يعتبرون مؤمنى أهل الكتاب، لأنهم يحكون لهم عن التوراة والانجيل تصديق النبى صلى الله عليه وسلم والقرآن، وأجاز بعض أن يراد بالذين أوتوا العلم الأحْبار الذين لم يؤمنوا، أى ليعلموا يومئذ أن القرآن ومحمد أحق فيزدادوا حسرة، ويرده أن أولى العلم مدح، وأجيب بأنهم علموا من التوراة والإنجيل أنهما حق، وأنكروا ولا مدح فى ذلك، إلا أنه بعيد، وأيضا المقابلة به للذين كفروا يقتضى الحمل على المؤمنين، وكعب الأحبار مؤمن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يظهر إيمانه، فليس صحابيا، وقيل آمن بعد موته صلى الله عليه وسلم، وعلى كل حال هو من التابعين.
{ الَّذي أنْزل إليْكَ } القرآن الذى، أو الكلام الذى، أنزل إليك { من ربِّكَ } الناصر لك { هُو } ضمير فصل إعراب لا له { الحقَّ } مفعول ثان، والأول الذى، والمشهور عن نافع الرفع على أنه خبر هو، ونحن نقرأ بالنصب، والجملة مفعول ثان، والعطف فى قوله: "ويرى" إلخ على قوله:
" { والذين سعوا في آياتنا } "[سبأ: 5] إلخ عطف فعلية على اسمية استشهادا بأولى العلم على الجهلة الساعين فى الآيات، أو عطف على: " { قال الذين كفروا } " [سبأ: 3] وفيه بعد، وطول الفصل، والمعنى قال الذين كفروا: لا ساعة، وقال الذين أوتوا العلم: ثابتة لأنها فى القرآن الحق، واعترض بأن الآية تدل على أن المقام للاهتمام بشأن القرآن، وذكرت الساعة استطرادا، أو أجيب بأن المقام للساعة، وذكر القرآن استطرادا.
والمقصود بالذات الساعة، ألا ترى الى قوله:
" { وقال الذين كفروا هل ندلكم } " [سبأ: 7] إلخ، ويضعف العطف على يجزى بمعنى لتأتيكم الساعة، ليجزى المؤمنين، وليرى أولو العلم المؤمنون بها الحق الذى هو الساعة، فيحتجوا على من نفاها، الذين سعوا معطوف على الذين، أو مبتدأ والجملة معترضة.
{ ويَهْدي إلى صِراط } توحيد وتقوى { العَزيز الحَميد } القاهر لكل ما سواه، المحمود فى ذاته وصفاته وأفعاله، وفاعل يهدى ضمير الله، أو الذى والعطف للذى على الذى إذا جعلنا الضمير للذى، وإذا جعل الضمير لله فذلك وضع للظاهر موضع المضمر، ويجوز العطف على الحق أى يرونه حقا، وهاديا على أنه مفعول ثان مع فاعله بعد مفعول ثان، أوعطف عليه، لأنه وصف كقوله تعالى:
" { صافات ويقبضن } "[الملك: 19] كأنه قيل هو يحق ويهدى.