التفاسير

< >
عرض

بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُكْرَمِينَ
٢٧
-يس

تيسير التفسير

فانه انما يجزم بالمغفرة، والجعل من المكرمين بعد ذلك الدخول أو الرفع، إذ ليس نبيا يوحى اليه، ولا يتبادر أن نبيا أخبره وغير ذلك شاذ فى العلم بشىء، فقيل رفعه الله حيا الى الجنة كرفع عيسى الى السماء يأكل ويشرب فيها، ويموت عند الساعة، كما روى عن الحسن، وهو المتبادر من قول قتادة: أدخله الله تعالى الجنة وهو فيها حى يرزق، وقيل: احتل فيها بروحه بعد قتله، كما قال الله فى الشهداء: " { أحياء عند ربهم يرزقون } " [آل عمران: 169] وكما قال الجمهور: إنهم قتلوه، فقيل بالوطء عليه حتى خرج قصبه من دبره، وألقى فى الرس، وقيل بالحجارة حتى مات، وهو يقول: اللهم اهد قومى، أو بدفنه فى حفرة حيا، وعن الحسن بالإحراق، وأن قبره فى سور أنطاكية، أو بنشره حتى خرج المنشارين رجليه.
وقيل: معنى
" { ادخل الجنة } " [يس: 26] التبشير بدخولها يوم القيامة، فالمضى لتحقق الوقوع، ولم يقل قيل له للعلم به، ولأن عمدة الكلام دخول الجنة بالايمان، لا المقول له ولا القائل، ولذا لم يقل قال الملائكة، وهم ملائكة الموت، ولم يقل قال: الملك، وهو ملك الموت، وتمنيه رضى الله عنه علمهم بمغفرته وكرامته، انما هو من صفاء قلبه، وكمال رحمته بقوله ورغبته فى قيام دين الله ولو بهلاك نفسه، وفى الحديث: " "نصح قومه حيا وميتاً" وهذا أولى من أن يقال تمنى ليعلموا باهتدائه وضلالهم وفوزه، ويغتاظوا بأنهم لم يصنعوا به إلا ما فاز به، والقول ان كان يوم القيامة فالمضى للتحقق، وما مصدرية لا اسم لعدم الرابط، ولا يقدر بلفظ به، لأن متعلق الجار المذكور غير متعلق المقدر.
وقيل يجوز لظهور المراد بلا شرط، أى بما غفر لى به ذنوبى، وهو الايمان، وجعلنى به من المكرمين، والمصدرية أولى أى يعلمون بغفران ربى لى، وجعله إياى من المكرمين، ويجوز وقوع ما الاسمية على الغفران، أى بالغفران الذى غفره لى ربى، فهاء غفرة مفعول مطلق على هذا لا وقوعها على الذنوب، أى بالذنوب التى غفرها لى، وهو أعظم وهو الشرك، ولو أراد أن يعلموا أنه تعالى لا يتعاظمه ذنب التائب لأنه تكلف.