التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ
٣١
-يس

تيسير التفسير

{ ألم يَرُوا } ألم يعلموا { كم أهْلكنا قَبلهُم مِن القُرون } كم مفعول لأهلكنا، والجملة مفعول ليروا، قامت مقام مفعولين، علقت بالاستفهام التوبيخى، وقيل: كم خبرية، وهى أيضا معلقة لفعل القلوب، ويدل للاستفهام قراءة ابن مسعود: ألم يروا من أهلكنا، لكن لا مانع من كون من موصولة مفعولا أولا، وأنهم لا يرجعون مفعولا ثانيا، والجملة على كل حال هى بمنزلة المفرد، ولذلك أبدل منها مفرد بدل اشتمال فى قوله عز وجل: { أنَّهم إِليْهم لا يَرجعُون } وهو المصدر من معنى لا، أى انتفاء رجوعهم اليهم، والآية الأولى للمهلكين، والثانية لأهل مكة أو للعباد، قيل: معنى التخويف بأنهم لا يرجعون اليهم فى الدنيا إن أهلاكنا إياهم إهلاك لا يرجى الرجوع معه، وفيه أن الموت مطلقا لا يرجى معه الرجوع إلا شاذا ليس فى أذهان أهل مكة.
وقيل: بتقدير لام التعليل للرؤية أو للاهلاك، ولا معنى لهذا صحيح، وقيل المعنى على البداية التهكم بهم أو الحصر بتقديم اليهم، أى ألم يروا أنهم يرجعون إلينا لا إليهم، ولا صلة وفيه أنهم لم يؤمنوا بالبعث، فكيف يخاطبون بهذا، اللهم إلا أن يراد أنه لما تحقق أمر البعث، وظهرت دلائله صح أن يقال: ألم يروا أنهم يبعثون، وكم وما بعدها مبدل منه، والبدل أنهم لا يرجعون ولا صلة، أى ألم يروا أنهم يرجعون، كما أنه لما تحقق عند القليل أن محبوبته دائما طيبة الرائحة بغير استعمال، خاطب من لم يشاهدها بقوله:

ألم تريانى كلما جئت زائر وجدت بها طيبا وإن لم تطيب

وقيل: الأولى لهم والثانية للرسل، واللام للتعليل، أى أهلكناهم لعدم رجوعهم الى ما يقول الرسل، ولا ركة فيه كما قيل، إلا أنه لا يتبادر، وقال السيرافى: أهلكناهم بأنهم لا يرجعون، وفيه أن كل إهلاك كذلك، فكيف يعظهم به، ولا وجه لبدل الكل، لأن انتفاء الرجوع ليس نفس الاهلاك، بل مترتب عليه، ولا وجه لقول ابن هشام: إن المعنى استأصلناهم بعدم الرجوع.