التفاسير

< >
عرض

لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أُنذِرَ آبَآؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ
٦
-يس

تيسير التفسير

{ لتُنْذر قَوماً } متعلق بتنزيل، أو بمحذوف، أى نزلناه لتنذر، أو أرسلناك لتنذر { ما } نافية كقوله تعالى: " { لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك } " [القصص: 46، السجدة: 3] وقوله تعالى: " { وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير } " [سبأ: 44] { أنْذَر آباؤهمْ } نعت لقوما، والمراد ما أنذر آباؤهم الأدنون، فهم فى غاية من الاحتياج الى الإنذار، وأما آباؤهم الأبعدون فقد أنذرهم أبوهم اسماعيل، فتطاول الأمد حتى نسيت شريعته، ويقال: لم تنقطع النذارة إلا أنها قل صاحبها، واستضعف، وكان لا يؤخذ به، ولم تصل قريشا ففى كل زمان مثل قس بن ساعدة، وزيد عمر، وأو المراد ما باشروا إنذار نبى، ولو باشروا انذار مثل قس، وانذار أهل الكتاب.
والإنذار: الاعلام بأمر الوحى الذى يترتب عليه العذاب، إذا لم يؤخذ به، أو نفس الوعيد على عدم الايمان، كقوله تعالى:
" { إنا أنذرناكم عذاباً قريباً } " [النبأ: 40] والأول أولى لا عقاب قيل الوحى والارسال، ويجوز أن تكون ما نكرة موصوفة أو اسما موصولا مفعولا مطلقا، أى انذارا أنذره آباؤهم الأقدمون ببناء أنذره للمفعول، أو الانذار الذى أنذره آباؤهم الأقدمون ببناء أنذره للمفعول، والهاء المقدرة فى الموضعين رابطة للصفة أو الصلة، أو مصدرية أى لتنذر قوما إنذار آبائهم، أى مثل إنذار آبائهم.
{ فهم غافلون } عن دين الله تعالى بسبب أنه لم ينذر آباءهم، والضمير للقوم، ولو أنذر آباؤهم لا تصل الإنذار، فلا يغفلون إلا عمدا، وهذا أولى من رد الضمير إلى القوم، وآبائهم، ومن رده الى الآباء أى لم ينذر آباؤهم، فهم أحوج الى الانذار، ويجوز تعليق الجملة بتنذر، فتكون الفاء للتعليل أى لتنذرهم، لأنهم غافلون، وكذا إن علقت بمرسلين أو بأنزلناه المحذوف المعلق لتنذر أو نحوه، وإذا جعلنا ما اسما أو حرف مصدر فالغفلة عما أنذر به آباؤهم.