التفاسير

< >
عرض

جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّن ٱلأَحَزَابِ
١١

تيسير التفسير

{ جُندٌ مَّا } أى هؤلاء الكفرة جند، وما يزيد للتحقير والتقليل، وقيل: ما اسم نعت، والمعنى حقير قليل، وقيل: للتعظيم بطريق التهكم والاستهزاء بهم، وقيل للتعظيم على ظاهره، فان المدحة للنبى صلى الله عليه وسلم بغلبته على الجمع العظيم أعظم، ألا ترى الشعراء يمدحون الأعداء بنحو الشجاعة، فيرجع لهم الفوز بأن غلبوا من هو قوى، ولا يلزم ذلك، وللكلام مقامات واعتبارات، وحالهم معروفة بالقوة، فيجوز أن يراد أنهم ذلوا بالله عز وجل { هُنالِك } نعت جند أو متعلق بقوله:
{ مَهْزومٌ } أى مغلوب، واشارة البعيد الى مكة، والآية فى مكة والبعد باعتبار بعده عنها حين اراده فتحها، لأنه يريده وهو المدينة، وبهذا التأويل صح الكلام، وقيل: الإشارة الى بدر لبعده عن مكة، ولا يتوقف صحته على جعل بدر من مكة، فان كونه منها ينافى البعد،وتبعد الاشارة الى الخندق، وتجوز الاشارة الى المرتبة تنزيلا لها منزلة المكان، أى وضعوا أنفسهم حيث لا يتأهلون، وتجوز الى الزمان البعيد زمان الفتح، أو يوم بدر، أو يوم الخندق، أو زمان الارتقاء، واذا كان للزمان لم يكن نعتا لجند اذ لا توصف الجنة بالزمان، لا يخبر عنها به، ولا يكون حالا لها، ومهزوم نعت لجند لا خبر ثان، لأن المبتدأ جمع والوصف بالهزم لتحقق الوقوع كأنه ماض، أو يفسر اسم المفعول بالاستقبال وأصل الهزم فت الشىء اليابس، أى وقومك الكفرة كاليابس المتحطم.
{ مِنَ الأحْزاب } ثابتون من جماعات، ومع ذلك لا تخف ولا تبال بهم، وهو نعت لجند أو حال من الضمير فى مهزوم، أو من المستتر فى هنا اذا جعلناه نعتا لجند.