التفاسير

< >
عرض

وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
٦٩
-الزمر

تيسير التفسير

{ وأشْرَقَت الأرض } أرض المحشر، وهى قيل: خبزة بيضاء بدل من هذه الأرض، وأوسع منها لا من فضة كما قيل { بنُور ربِّها } نور يخلقه الله تعالى فيها لا من شىء كقمر وشمس ن وقيل: النور العدل فى حكمه يؤمئذ بالحساب على الاستعارة، يقولون لمن يعدل: أشرقت الآفاق أو البلد بعدلك، وأضاءت الدنيا بقسطك، قال صلى الله عليه وسلم: "الظلم ظلمات يوم القيامة" فيكون العدل فيه نورا فيه، ووضع الكتاب والمجىء بالنبيين والشهداء، والقضاء بالحق تناسب الغدل لا النور الحسى، إلا أن الحقيقة أولى، وهى النور الحسى، أخبرنا الله تعالى به لذهاب النيرات كالشمس والقمر.
{ وَوُضِع الكتابُ } أحضر الحساب وشرع، يقال: وضعت المائدة بمعنى أحضرت، وسمى الحساب كتابا لأنه من شأنه أن يكتب، ولأن الكتاب ظرفه، وذلك مجاز ارسالى لعلاقة اللزوم، والتسبب والوضع ترشيح، وأولى من ذلك أن يحمل الكلام على الاستعارة التمثيلية، وقيل: الكتاب صحائف الأعمال، وأل للجنس، فكأنه جمع، ووضعها إحضارها بأيدى أصحابها، وذلك هو المتبادر، ودونه أن تجعل للاستغراق، ووجهه دفع أن يتوهم أحد أن صحيفة من الصحف تضيع، وقيل: اللوح المحفوظ يجاء به ليقابل بالصحائف، فأل للعهد { وجيء بالنَّبيين } ليحضروا الحساب، ويشهدوا على أممهم ولهم { والشُّهداء } شهداء كل أمة مع نبيها، وفى ذلك فضل الشهداء إذ قرنوا بالأنبياء، وذلك ليشهدوا على أممهم ولهم.
وقيل: شهداء هذه الأمة،يشهدون على الأمم كلها ولهم، والمفرد شهيد، وهو من قتل فى سبيل الله، ومن التحق به، وقال الجمهور: جمع شاهد كقوله تعالى:
" { ولا يأب الشهداء } " [البقرة: 282] وقوله تعالى: " { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } " [النور: 4] وقوله تعالى: " { لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء } " [النور: 13] و " { فإذ لم يأتوا بالشهداء } " [النور: 13] وهم مؤمنو هذه الأمة كمال قال الله عز وجل: " { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس } " [البقرة: 143] وقيل: عدول كل أمة يشهدون عليه، وقيل: كل من يشهد يوم القيامة من الملائكة والأنبياء، ومؤمنو هذه الأمة، والجوارح كما قال الله عز وجل: " { يوم تشهد عليهم ألسنتهم } " [النور: 24] الخ، والمكان يشهد بالمعصية على العاصى فيه.
ويقال: يجاء باللوح المحفوظ يرتعد على أنه حيوان أو جبهة ملك أو جماد يخلق الله تعالى فيه العقل فيقال: هل بلغت اسرافيل؟ فيقول: نعم يا رب بلغت، ويقال لاسرافيل مرتعداً: هل بلغك اللوح؟ فيقول: نعم يا رب، فيسكن اللوح، ويقال لإسرافيل: هل بلغت جبريل؟ فيقول: نعم، فيقال لجبريل: هل بلغك اسرافيل؟ فيقول: نعم فيسكن إسرافيل، ويقال لجبريل مرتعدا: هل بلغت؟ فيقول: نعم يا رب، فيقال للمرسلين: هل بلغكم جبريل؟ فيقولون: نعم، فيسكن جبريل، ويقال للمرسلين مرتعدين: هل بلغتم؟ فيقولون: نعم، ويقال للأمم: هل بلغكم الرسل؟ فتقول: كفرتهم ما جاءنا من بشير ولا نذير، فيشتد الأمر فيقال لهم: من يشهد لكم فيقولون: محمداً صلى الله عليه وسلم وأمته، فيشهدون لهم فيسكنون، وتقول الأمم: من أين علمتم، وأنتم آخر الأمم؟ فيقولون: من كتاب أنزله الله علينا، ذكر سبحانه فيه أن الرسل بلغوا أممهم، ويزكيهم النبى صلى الله عليه وسلم، وذلك قوله تعالى:
{ وكذلك جعلناكم أمة وسطاً } [البقرة: 143] إلخ.
{ وقُضِىَ } قضى الله { بينَهُم } بين العباد المفهومين من الكتاب بمعنى الحساب، أو الصحائف أو اللوح المحفوظ، إذ فيه الأعمال، ومن قوله:
" { فإذا هم قيام ينظرون } " [الزمر: 68] { بالحقِّ } بالعدل { وهُم لا يُظْلمُون } بزيادة عقاب على ذنب لم يفعلوه، أو نسبة ذنب اليهم لم يفعلوه، أو بعقاب لم يستحقوه لعدم الذنوب، لأنها موجودة، أو بأن الذنب لا يستحق العقاب فانه يستحقه، أو بنقص ثواب.