التفاسير

< >
عرض

وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي ٱلأَرْضِ مُرَٰغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ ٱلْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ ٱللَّهِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
١٠٠
-النساء

تيسير التفسير

{ وَمَن يُهَاجِرْ فِى سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِى الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً } موضع تحول فى الرغام، وهو التراب، حتى يصل المدينة، أو طريقا يلصق بها أنوف أعدائه بالرغام، أى التراب، بوصوله بها إلى المدينة، كما أن المراغم ورد فى اللغة المذهب فى الأرض، وأن المراغمة المغاضبة { وَسَعةً } فى الرزق وإعلانا للدين، ولما سمع جندب بن صخر قوله تعالى: إلا المستضعفين الخ، وقد بعث صلى الله عليه وسلم بالآية إلى من آمن فى مكة، وتليت عليهم قال: والله ما أنا فيمن استثنى الله عز وجل، إنى لأجد حيلة، ولى من المال ما يبلغنى المدينة وأبعد منها، وإنى لأهتدى السبيل، والله لا أبيت الليلة بمكة، أخرجونى منها إلى المدينة، فخرج به بنوه يحملونه على سرير وكان شيخاً كبيراً لا يستطيع ركوب الراحلة، فلما بلغ التنعيم أشرف على الموت فصفق بيمينه على شماله، وقال: اللهم هذه، أى اليمين لك، وهذه أى اليسرى لرسولك، أبايعك على ما بايع به، رسولك، فمات، فضحك المشركون، وقالوا: ما أدرك ما طلب، وقال المسلمون فى المدينة: لو وافى المدينة لكان أتم أجراً، فنزل قوله تعالى: { وَمَن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إلَى اللهِ وَرَسُولهِ } فى المدينة أو فى طلب علم، أو حج أو عمرة، أو جهاد، أو زيارة رحم، أو نحوها وقيل نزلت فى أكثم بن صيفى لما أسلم ومات مهاجراً، وقال الزبير: نزلت فى خالد ابن حزام، هاجر إلى الحبشة ومات بحية { ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ } قبل الوصول، أو قبل فعل ما خرج له، ولو عند بابه خارجا، وثم لعلو درجة الموت على درجة الخروج { فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ } ثبت له بوعد الله { عَلَى اللهِ } وروى البيهقى، وأبو يعلى، عن أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: "من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمراً فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة ومن خرج غازياً فى سبيل الله فمات كتب له أجر الغازى إلى يوم القيامة" ، والمراد التمثيل، فيعم غير ذلك، والمراد أيضاً ثبوت ذلك له فى كل سنة، واستدل أهل المدينة بالآية على أن للغازى إذا مات فى الطريق سهمه فى الغنيمة التى مات فى غزوتها والصحيح أن له ثواب الآخرة فقط { وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً } بإكمال ثواب هجرته وقصده، وكل من قصد فرضاً أو نفلا بالعزم وعطل عنه يكتب أجره كاملا، لا كما قيل إن له أجر ما عمل منه فقط.