التفاسير

< >
عرض

يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَٱنفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ ٱنْفِرُواْ جَمِيعاً
٧١
-النساء

تيسير التفسير

{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ } استعملوا الحذر الذى فى طاقتكم من العدو بضبط أنفسكم وإعداد السلاح، أو شبه الحذر بالسلاح وآلة الوقاية، على طريق الكناية ورمز إليه بالأخذ، أو الحذر بكسر وإسكان هو نفس ما يحذر به، كسلاح ودرع وترس، ويضعفه الجمع بينهما فى قوله: { وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم }، وذلك فى أن لا يفاجئكم العدو على غفلة، وفى أن تقعوا عليهم وأنتم عارفون بأحوالهم { فَانفِروا } انهضوا، وأصله الفزع { ثُبَات } جماعات متفرقين،جماعة بعد جماعة، من العشرة أو من الاثنيين قولان، قد يستعمل فى غير الرجال كقوله:

فَأَمَّا يَوْمَ خَشْْيَتَنَا عَلَيْهِمْ فَتُصْبِحُ خَيْلُنَا عُصُباً ثُباتاً

والسرية من خمسة إلى أربعمائة، أو من مائة إلى ثلثمائة أو أربعمائة، أو من مائة إلى خمسمائة، والجيش العظيم خميس، وما افترق من السرية بعث، وقد تطلق السرية على مطلق الجماعة، وخصها بعضهم بالليل، والمنسر بكسر الميم وفتح السين أو بفتحها وكسر السين من أربعمائة إلى ثمانمائة، والجيش من ثمانمائة إلى أربعة آلاف، والجحفل ما زاد على ذلك، والمفرد ثبة، واوى اللام، محذوفة معوض عنها التاء، من ثبا يثبو، أى اجتمع، أو يائى معوض عنها التاء كذلك من ثنيت على الرجل أثنيت عليه كأنك جمعت محاسنه { أَوِ انفِرُوا جَمِيعاً } مجتمعين، والآية دليل على أن القتال فرض كفاية، وذلك إن كان زيادة فى الإسلام، وأباحت الآية قتال كل جماعة على حدة، وجماعة قبل الأخرى، والقتال بمرة، وإِن وقع العدو على بلد إسلام وجب على كل من أمكنه من أهل الإسلام، إن علم، أن يقاتلهم، ولو كانوا مخالفين، لأنهم يقاتلونهم على الإسلام، وعنه صلى الله عليه وسلم: "إذا استنفرتم فانفروا" ، وفى الآية المبادرة إلى الجهاد أولا، وبالذات، وإلى سائر الخيرات ثانياً، وبالعوض كيفما أمكنت قبل الفوت.