التفاسير

< >
عرض

أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ ٱخْتِلاَفاً كَثِيراً
٨٢
-النساء

تيسير التفسير

{ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ القُرْءَانَ } أيشكون فلا يتدبرون، أو أيعرضون فلا يتدبرون، والتدبر النظر فى دبر الأمر، أى عاقبته، ويستعمل فى مطلق النظر فى حقيقته وأجزائه أو سابقه أو لاحقه وأسبابه، قال شيخنا: الأولى أن تكون العبارة على الترتيب الآتى كما فى كتب التفسير، أو سابقه وأسبابه أو لاحقه وعواقبه، والمراد فلا يكتسبون معرفة عاقبته، وهى ما ترجع إليه ألفاظه من المعانى، والاستفهام بمعنى الأمر، كقوله تعالى: { { أفلا يتوبون إلى الله } [المائدة: 74]، أو توبيخ وإنكار بصحة حالهم، والماصدق واحد، ولو تدبروا لعلموا أن الله شهد له وأنه لا شبهة فى شهادته تعالى له، وذلك جواب لما يقال من أين يعلم أنه تعالى شهد له صلى الله عليه وسلم { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ } كما قالوا أساطير الأولين، وكما قالوا يعلّمه بشر { لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً } بأن يكون بعضه فصيحاً وبعضه غير فصيح، أو بعضه صدقا، وبعضه كذبا، وبعضه تسهل معارضته، وبعضه تصعب معارضته، وبعضه يقبله العقل السليم وبعضه ينكره، وأفصح الفصحاء، إذا طال كلامه توجد فى بعضه رِكة، ولا أقل من أن تتفاوت فصاحته، والقرآن كله على نهج واحد من الفصاحة ولا تخالف بين لا يُسأل عن ذنبه ولنسألنهم، لأن المعنى يسأل فى موطن دون آخر، ولا يسأل استفهاما ويسأل توبيخا، ولا بين، { { إلى ربها ناظرة } [القيامة: 23]، و { { لا تدركه الأبصار } [الأنعام: 103]، لأن المعنى ناظرة إلى رحمته، ولا بين حية وجان وثعبان فإنها فى العظم كالثعبان وفى الخفة كالجان وفى الخبث كالحية، وغير ذلك من التأويل، ولا فى النسخ لأن المنسوخ موقوف لوقته عند الله لمصلحة كنفع دواء فى وقت، وغيره فى آخر، ونفعه لنوع، وغيره لنوع، والحمد لله الذى أنعم علينا بإدراك تطابق آيات القرآن وتجاوبها كلها مما أشكل لبادىء الرأى.