التفاسير

< >
عرض

قُلْ يَـٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ ٱلْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُوۤاْ أَهْوَآءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ ٱلسَّبِيلِ
٧٧
-المائدة

تيسير التفسير

{ قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ } يا أَهل الإِنجيل بدليل قوله { لاَ تَغْلُوا فِى دِينِكُمَ غَيْرَ الحَقّ } فإِن الغلو الرفع بما لا يثبت كما سموا عيسى عليه السلام إِلهاً أَو ابن له، أَو أَهل الكتاب اليهود والنصارى لأَن اليهود غلوا في عزيز إِذ سموه ابن الله ولأَن الغلو يجوز إطلاقه على المبالغة في الذم أَيضاً، فإنهم لعنهم الله نسبوا مريم للزنى وابنها لبنوة الزنى بهتاناً عظيماً، وغير مفعول مطلق أَى غلوا غير الحق أَى باطلا، ويطلق الغلو على المبالغة في الشئ ولو حلالا كالتعمق في مسائل علم الكلام على وجه الحق فإِنه غلو، وعلى وجه باطل غلو أَيضاً { وَلاَ تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ } من قبلكم أَو قبل بعث النبى صلى الله عليه وسلم والماصدق واحد من أَسلافكم القائلين ببنوة عيسى لله أَو ألوهيته وألوهية مريم وبدعهم في التوحيد، وبدع اليهود في التوحيد كالتجسيم ودعوى بنوة عزير والإِنكار على موسى فى بعض الأَحيان وسائر بدعهم في التوحيد { وَأَضّلُّوا كَثِيراً } من الناس فى التوحيد وغيره { وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبيلِ } عن سائر دينهم أَو عن القرآن، وعلى الوجهين تغاير الضلال الأَول، وهذا أَو الأَول عن أَدلة العقل، وهذا عما جاءَ به الوحى أَو الأَول الضلال بالغلو والثانى الضلال عن دينه الواضح وخروجهم عنه بالكلية، وقال الزجاج الضلال الأَخير ضلالهم باضلالهم غيرهم كقوله تعالى: { { ليحملوا أَوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أَوزار الذين } [النحل: 25]، إلخ. وقيل: واوضلوا عائد إِلى كثيرا.