التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا سُقِطَ فِيۤ أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ
١٤٩
-الأعراف

تيسير التفسير

{ وَلَمَّا سُقِطَ فِى أَيْدِيهِمْ } نائب فاعل سقط والفاعل العض أَو الفم أَو الأَسنان، ومن شأْن النادم عض يده " { ويوم يعض الظالم على يديه } "[الفرقان: 27] أَو التقليب " { فأَصبح يقلب كفيه } " [الكهف: 42] أَو الرأس، ومن شأَن النادم وضع وجهه أَو ذقنه على يده، أَو الندم أَو الخيبة، وخصت اليد لوقوع أَثر الندم عليها، ولأَنها المباشرة للأَعمال غالباً، حتى أَنه يسند إِليها ما لم تباشر، أَو اليد بمعنى النفس، ومن ندم على شئ وعجز قيل له: سقط على يده، أَو فى يده، وفى على ظاهرها، أَو بمعنى على، ولم يسمع قبل القرآن سقط فى يده، أَو فى أَيديهم، أَو نحو ذلك، وهو لا يتصرف فى معنى الندم، لا يقال مسقوط فى يده أَو يسقط فى يده للبناء للمفعول أَو للفاعل على معنى الندم أَو ساقط فى يده كذلك، أَو نحو ذلك من التصاريف، وذلك استعارة تمثيلية، شبه حال الندم فى النفس بحال الشئ فى اليد { وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا } علموا أَنهم قد ضلوا باتخاذ العجل، أَو عبر عن العلم برؤية العين مبالغة فى ظهور ضلالهم المعقول حتى كأَنه محسوس للمسارعة إِلى بيان حصوله، وللإِشعار بسرعته كأَنه سابق على الرؤية، ولأَن الانتقال من الجزم بالشئ إِلى تبيين الجزم بالنقيض يكون فى الغالب إِلى الشك ثم الظن بالنقيض ثم الجزم به، ثم تبينه، والقوم جازمون بأَنهم على صواب، وكان ندمهم المعبر عنه بقوله عز وجل سقط بعد رجوع موسى، وقدمه على ذكر رجوعه ليتصل ما قالوا بما فعلوا، وأَخر قوله عز وجل { ورأَوا أَنهم قد ضلوا }عن الندم مع أَنه مقدم إِذ هو سبب للندم، لأَنه علة فى قوله سقط فى أَيديهم، والمقصود هو المعلول فقدم المقصود، ولأَن الندم هو السبب لطلب المغفرة فيقدم، وهى فى قوله عز وجل { قَالُوا } لله وبعض لبعض { لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا } بإِنزال التوبة علينا، وهو توفيقه لنا إِليها وقبولها { وَيَغْفِرْ لَنَا } بعدم العقاب، وقدم التوبة لأَن التخلية قبل التحلية، وقبولها مقدم على المغفرة وسبب لها، وقدم الرحمة مع أَنها تحلية على المغفرة مع أَنها تخلية مسارعة إِلى ذكر ما هو المقصود الأَصلى بالذات، وأَنها سبقت غضبه تعالى، ولأَن الرحمة مبدأ لإِنزال التوبة المكفرة لذنوبهم { لَنَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ } دنيا وأُخرى، كما قال آدم وحواء " { ظلمنا أَنفسنا وإِن لم تغفر لنا } " [الأَعراف: 23].