التفاسير

< >
عرض

وَإِذ نَتَقْنَا ٱلْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ وَٱذْكُرُواْ مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
١٧١
-الأعراف

تيسير التفسير

{ وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ } رفعناه من أَصله قلعاً له كقوله تعالى { ورفعنا فوقهم الطور } [النساء: 154] أَو جبدْناه بشدة أَو زعزعناه، وهذا رد على اليهود إِذ قالوا: لم تعص أَسلافنا على حد ما مر فى قوله: واسأَلهم، والجبل الطور الذى سمع موسى فيه كلام الله، وأَخذ فيه الأَلواح، أَو جبل من جبال فلسطين، أَو هو الجبل عند بيت المقدس لما أَتى موسى بالتوراة، وقرأَها عليهم، امتنعوا من قبولها لما فيها من التغليظ فقلع الجبل وأَقامه على رءُوسهم بينه وبينهم قدر القامة بقدرهم فرسخاً فى فرسخ، فخروا ساجدين على خدودهم وحواجبهم اليسرى ناظرين بعيونهم اليمنى خوف أَن يسقط عليهم فلذلك لا تسجد اليهود إِلا كذلك. وكان أَحب السجود إِليهم، يقولون: لأَنه أدفع عنا العذاب به { فَوْقَهُمْ } حال مقدرة إِذ الجبل حال نتقه ليس فوقهم، أَو متعلق بنتقنا على تضمين معنى أَثبتنا، قيل أَو المعنى رفعنا بالنتق الجبل { كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ } سحابة أَو سقيفة، والجملة حال من الجبل { وَظَنُّوا } رجحوا أَو أَيقنوا الآن رفعه على أَن يقع عليهم إِن لم يقبلوا التوراة { أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ } عطف على نتقنا، أَو حال ثان أَى ساقط عليهم إِن لم يقبلوا التوراة فقبلوها، والباء بمعنى على أَو للإِلصاق، روى: أَنه لما نشر موسى عليه الصلاة والسلام أَلواح التوراة بينهم لم يبق شجر ولا جبل ولا حجر، إِلا اهتز، ولذلك لا ترى يهودياً تقرأ عليه التوراة إِلا اهتز وحرك رأسه. وقوله تعالى { خُذُوا مَا آتِيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } مفعول لقول محذوف حال من ضمير نتقنا، أَى قائلين: خذوا.. إِلخ.. أَو لقول معطوف على نتقنا حذف هو وعاطفه، أَى وقلنا: خذوا.. إِلخ.. وما آتيناكم: الكتاب، والقوة: الاجتهاد بالدرس والعمل، وذكر ما فيه نشره بين الناس وحملهم عليه، أَو خذوه بالقبول والدرس، واذكروا ما فيه بالعمل، ولا تجعلوه كشئ نسى ولا يعمل به، والاتقاء ترك قبائح الأَعمال وأَخلاق السوء والاعتقاد الزائغ أَو الأَخذ بقوة القبول والعمل، وذكر ما فيه قراءَته.