التفاسير

< >
عرض

أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
٦٣
-الأعراف

تيسير التفسير

{ أَوَ عجِبْتُمْ } قدمت الهمزة على عاطف قصة أخرى عند سيبويه والجمهور لتمام صدارتها، أَو يقدر أَجاءَكم إِرشاد وعجبتم { أَنْ جَاءَكُمْ } أَى من إِن جاءَكم { ذِكْرٌ } نبى يجب أَن يذكر ولا ينسى وهو ما أَوحى الله عز وجل أَو وعظ. { مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ } أَى على لسان رجل { مِنْكُمْ } من نسبكم أَو جنسكم الآدمى أَو من جملتكم تعرفون مولده ومنشأَه. وكانوا يقولون "لو شاءَ الله لأَنزل ملائكة ما سمعنا بهذا فى آبائنا الأَولين" { لِيُنْذِرَكُمْ } بخبر بالسوء الذى يترتب على كفر الكافر ومعصيته إِن لم يتب { وَلِتَتَّقُوا } بسبب الإِنذار بما تعذبون به أَو لتعظموا الله فلا تعصوه { وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } علة ثالثة مرتبة على الثانية التى هى الاتقاء. وكانت بصيغة الترجى تنبيهاً على أَن التقوى غير موجبة للرحمة، بل الرحمة مسببة لها فلو شاءَ الله عز وجل لم يثب المتقى كما لا يعاقبه لأَنه عبده لا مالك له مع الله وهو الخالق لتقواه الموفقة إِليها، وأَما أَن يعذب المتقى فلا لأَنه ليس حكمة، وقال قومنا بجوازه فقالوا: لو شاءَ الله لم يثبه ولو شاءَ عذبه، قلنا ليس من الحكمة أَن يشاءَ تعذيبه، نعم يمكن أَن يشاءَ ذلك باعتبار تقصيره إِذ لا يخلو من تقصير، والمقصود من الإِرسال الإِنذار فقدمه وهو العلة الأولى. والمقصود من الإِنذار الاتقاء فعقبه به، والمقصود من التقوى الفوز بالرحمة فعقبها بالرحمة أَى لعلكم ترحمون بالاتقاء، أَو بالتذكر المرتب على الذكر، وزاد الله تقبيحاً لكفرهم بأَن كفروا بما ينفعهم لو آمنوا به وبكونه جاءَهم من سيدهم المربى لهم المنعم عليهم على لسان رجل منهم هو من نسبهم شرفه شرف لهم ومن جنسهم بحيث يتمكنون من الفهم عنه ومراجعته كى يفهموا، وبأَن فى اتباعه نجاة وفوزاً.