التفاسير

< >
عرض

وَٱلْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٨
-الأعراف

تيسير التفسير

{ والْوَزْنُ } القضاء والعدل عند مجاهد والضحاك والأَعمش، وذلك تصوير للمفعول بصورة المحسوس للبيان، وعلى هذا كثير من متأَخرى قومنا، وكذلك نحمل ما ورد في أَحاديث من ميزان العمود والكفات وطيش الكفة وثقلها على رجحان الحسنات على السيئات وبالعكس دون الوزن المعقول، وتحتمل تلك الأَحاديث الوضع، وذلك مذهبنا ومذهب المعتزلة، وأَجاز بعض المعتزلة كالعلاف وبشر ابن المعتمر ما ذكره قومنا من وزن كتب الأَعمال أَو تجسم الأَعراض لكن لم يقل بأَنه يقع، بل من الجائز لكن لا يقع، وهو أَيضاً باطل لأَن الأَعراض لا توصف بالثقل والخفة، ولا تبقى أَكثر من حال ولا دليل على أَن الله يعيدها، والظاهر أَنه لا تمكن إِعادتها والمقصود التمييز والله يميزها بعلمه { يَوْمَئِذٍ } يوم إِذ نسأَل المرسلين والأُمم ونقص عليهم. وإِذ للاستقبال مجازاً، أَو إِذ سَأَلناهم وقصصنا عليهم فإِذ للماضى تنزيلاً للمستقبل منزلته لتحقق وقوعه، والظرف متعلق بالوزن، وعمل المصدر المقرون بأَل في الظرف أَو في المجرور صحيح لا ضعف فيه ولا مانع له، والوزن مبتدأ خبره قوله تعالى الْحَقُّ وهذا أَولى من أَن تقول الخبر يومئذ والحق نعت والوزن مفصول بالخبر وهو أَجنبي لأَن عامل الخبر المبتدأ وعامل النعت ليس المبتدأَ بل عامله الابتداء العامل في المبتدإِ، أَو المعنى على أَن الحق نعت والخبر يومئذ أَن الوزن الحق يكون يومئذ واختاره بعض ويدل له "ونضع الموازين القسط ليوم القيامة" أَو الخبر يوم والحق خبر لمحذوف كأَنه قيل ما ذلك الوزن فقيل هو الحق، وإِذا وقع الوزن { فَمَنْ ثَقُلَتْ } لكثرتها أَو لعظمتها وتجويدها جداً ولو قلت وذلك لعدم إِصراره على سيئاته لأَن سيئاته ولو كانت أكثر من حسناته فهن شبيهات بالشيء الخفيف، ومن أَصر على سيئاته فإِنها الثقيلة، وتجعل حسناته كالعدم وكالشيء الخفيف { مَوَازِينهُ } جمع موزون أَى أَعماله الموزونات، ولا يطلق الثقل فى القرآن عند الأَعمال إِلا على الصالحات لأَنها المقصودة بالإِطلاق فى الوزن، وذلك عند عدم ذكر السيئات وعند ذكرها كما هنا، وكذا الخفة لا تطلق إِلا فى الصالحات { فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } الناجون الفائزون، وأَل لعهد المفلح عنده صلى الله عليه وسلم هكذا وعهد حقيقته، وكذا الموصول في قوله فأولئك الذين خسروا.