التفاسير

< >
عرض

إِذْ يُرِيكَهُمُ ٱللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ
٤٣
-الأنفال

تيسير التفسير

{ إِذ } اذكر إِذ، أَو بدل من يوم الفرقان { يُرِيكَهُمُ اللهُ } صيرك الله رائيهم، أَى المشركين { فِى مَنَامِكَ } فى نومك أَو زمانه أَو مكانه، والأَول أَولى ويليه الثانى (قَلِيلاً) مع كثرتهم تجزئة للمؤمنين عليهم، والمراد أَنه أَراه عدد بعضهم أَو حشرهم فى المنام كلهم، وستر بعضاً خلف بعض، أَو أَحضرهم كلهم وكف الله بصره عنهم إِلا قليلا، ولم يقل له الله لم يكن إِلا هؤلاء، فأَخبر النبى صلى الله عليه وسلم المؤمنين بقلتهم حسب ما رأَى، ولم تكذب رؤياه، ورؤيا الأَنبياءَ حق لا تكذب، وإِنما يكون التناقض لو قال لم يكونوا إِلا هؤلاء الذين أَريتك، ففرحوا ونشطوا للقتال { وَلَوْ أَرَاكَهُمْ } فى المنام { كَثِيرًا } كما هو فى الواقع كثير وأَخبرت المؤمنين بالكثرة ولا بد من الإِخبار إِذ لا يكتم رؤياه لأَنها وحى إِلا ما أَباح الله له كتمه { لَفَشِلْتُمْ } كسلتم للجبن عن قتالهم، و لم يقل لفشلت لأَنه صلى الله عليه وسلم لا يفشل، والخطاب فى فشلتم لا يشمله، أَو شمله بطريق الحكم على المجموع { وَلَتَنَازَعْتُمْ فِى الأَمْرِ } القتال، يجيب بعضكم ثقة بالله ويأبى بعضكم لكثرتهم، والتنازع سبب للفشل فعطفه عطف سبب على مسبب، ويفصح بذلك فاءَ السببية فى قوله تعالى "ولا تنازعوا فتفشلوا" { وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ } سلمكم من الفشل والتنازع بإِراءَته نبيه إِياهم قليلا وإِخباره إِياكم { إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ } صاحبة { الصُّدُورِ } بالخطرة ذات الصدور، أَو بالخطرات ذات الصدور لتأْويل الجماعة، يعلم ما فى القلوب وما يكون وما يغير ما فيها من الجبن والجرأَة والصبر والجزع، وعبارة بعض أَنه جعل الخواطر كأَنها مالكة للصدور.