التفاسير

< >
عرض

وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٦١
-الأنفال

تيسير التفسير

{ وَإِنْ جنَحُوا } مالوا، أَى الكفار مطلقا، أَهل الكتاب كقريظ والنضير، وغير أَهل الكتاب من سائر المشركين لأَنه يجوز عقد الصلح والهدنة والأَمان مع أَهل الكتاب بلا جزية عليهم أو مع غيرهم لمصلحة فى ذلك، كاشتغال الإِمام بغيرهم، ويتفرغ لهم بعد ذلك إِن شاءَ الله عز وجل، وكتحصيل القوة إِن كان ضعف فى المؤمنين، وإِن أريد مطلق المتاركة فمنسوخ بآية السيف، فى غير أَهل الكتاب وفيهم بالجزية، وقيل: كان يأخذ الجزية من غيرهم ثم نسخت بالسيف وخصت بهم، وقيل: المراد بنو قريظة والنظير، وورود الآية فيهم لا يمنع من عموم الحكم بظاهرها، ووجه الحمل لأَهل الكتاب كلهم عليهما أَن الآية متصلة بهما، إِذ قال: الذين عاهدت منهم إِلخ.. وصحح أَن الأَمر فيمن تقبل منهم الجزية وهم أَهل الكتاب والمجوس، وادعى بعض أَنه لا يهادن الإِمام أَهل الشرك بلا جزية أَكثر من عشر سنين لأَنه صلى الله عليه وسلم صالح أَهل مكة عشرا، ثم إِنهم نقضوا { لِلسَّلْمِ } الصلح، أَى إِلى السلم { فَاجْنَحْ } مل { لَهَا } إِليها بمعاهدتهم عليها والسلم يذكر ويؤنث، وأَصله التذكير، أَما التأنيث فحمل على ضده المؤنث وهوا لحرب، قال السمرقندى: لا ينبغى مصالحة المشركين إِذا قوى الإِسلام، ولا توضع الجزية على العرب لأَنه صلى الله عليه وسلم منهم، وهى نقص، والشرك نقص، فيقاتلون حتى يسلموا كلهم، وقيل: الجزية على أَهل الكتاب وغيرهم إِلا العرب وإِنما أَمرنا بالصلح حين ضعف الإِسلام، والظاهر المصالحة ولو قوى الإِسلام لمصلحة نافعة فى الإِسلام { وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ } فى أمرك كله فلا تخف أَن يخدعوك، إِذا سالمتهم، فإِن الله ناصرك ومهلكهم { إِنَّهُ } لأَنه { هُوَ السَّمِيعُ } العليم بأَقوالهم { الْعَلِيمُ } بأَفعالهم ونياتهم وأَحوالهم.