التفاسير

< >
عرض

وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ
٥٨
-التوبة

تيسير التفسير

{ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِى الصَّدَقَاتِ } يعيبك فى قسمها وهى الغنائم والزكوات وقيل اللمز فى الوجه والغمز فى الغيب، وقيل بالعكس وهو أَظهر والواضح ترادفهما { فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا } عنك وأَثنوا عليك. { وَإِنْ لَمْ يُعْطُوا مِنْهَا } أَو أُعطُوا دون ما يرضيهم { إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } عليك ويذمونك لحرصهم على الدنيا، قيل نزلت فى أَبى الجواظ المنافق إِذ قال: أَلاَ ترون إِلى صاحبكم إِنما يقسم صدقاتكم فى رعاة الغنم، فقال صلى الله عليه وسلم: "لا أَبا لك أَما كان موسى راعيا، أَما كان داود راعياً" ولما ذهب قال احذورا هذا وأَصحابه فإِنهم منافقون، رواه الكلبى، وروى أَنه قال: لم تقسم بالسوية، وقال قتادة، قائل ذلك بدوى حديث عهد أَتاه يقسم ذهباً أَو فضة فقال يا محمد: لئِن كان الله أَمرك أَن تعدل فما عدلت هذا اليوم. فقال صلى الله عليه وسلم "ويحك فمن يعدل بعدى؟" ثم قال: احذورا هذا وأَشباهه فإِن فى أُمتى أَشباهه قوما يقرءُون القرآن ولا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. وكان يابس الحاجبين مشرف الحاجبين غائر العينين، وذلك فى غنيمة هوازن أَو الصدقات، وهو أَنسب بذكر الصدقات بعد وهنا، وبذكر الصدقات فى كلام أَبى الجواظ. وروى أَنه قال: لقد شقيت إِن لم أَعدل، وقيل: قائل ذلك من الأَنصار، وقال ابن زيد: هم بعض المنافقين يقولون: والله ما يعطى محمد إِلا من أَحب ولا يؤْثر إِلا هواه، وقيل هم المؤلفة قلوبهم إِذا لم يعطوا آمالهم، وأَما حرقوص ابن زهير فمرضى شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة. قالت عائشة رضى الله عنها: أَشهد أَن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيتى. وقال: يا عائشة أَول من يدخل من هذا الباب من أَهل الجنة. قلت فى نفسى أَبو بكر، عمر، فلان، فلان، فبينما أَنا كذلك إِذ أَقبل حرقوص بن زهير، وقد توضأَ وإِن لحيته تقطر ماءَ، ثم قال ذلك فى اليوم الثانى والثالث ودخل حرقوص فيهما، وقال أَبو موسى الأَشعرى: والذى نفسى بيده لو اجتمع أهل المشرق والمغرب على الرمح الذى طعن به حرقوص لدخلوا به النار، وذلك فى أَهل النهروان. وهو الذى دفن دانيال عليه السلام، سأَل الله أَن يدفنه رجل من أَهل الجنة، فلم يزل فى تابوت فى أَيدى ضلال أَهل الكتاب يستسقون به إِذا أَمسك عنهم المطر، حتى فتح أَبو موسى الأَشعرى السوس أَو سومن الشرق، فوجده فى تابوت فكتب إِلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فكتب إِلى أَبى موسى أَن مُرْ من يدفنه ولا يشعر به أَحد، فبعث أَبو موسى حرقوصا ليدفنه فوجد فى التابوت حلة فكساها عمر حرقوصا.