التفاسير

< >
عرض

قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا تُغْنِي ٱلآيَاتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ
١٠١
فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ
١٠٢
ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٠٣
قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنْ أَعْبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٠٤
وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
١٠٥
وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ ٱلظَّالِمِينَ
١٠٦
-يونس

تيسير التفسير

في هذه الآيات الكريمة، وهي في ختام سورة يونس، بين الله تعالى ان مدار سعادة البشَر على استعمال عقولهم في التمييز بين الخير والشر، وما على الرسول الا التبشير والإنذار وبيان الطريق المستقيم الموصِل الى السعادة وأن الدينَ مساعدٌ للعقل على حسن الاختيار إذا أحسنَ الانسانُ النظَر والتفكّر في امر الله.
{ قُلِ ٱنظُرُواْ مَاذَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا تُغْنِي ٱلآيَاتُ وَٱلنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ }.
تدعو هذه الآية وكثير غيرها، الى العمل بالمشاهَدة والتأمل واستعمال العقل، كما تدعو الى العلمِ بالكون وما فيه لأنه مُسَخَّر للانسان، فإن ما في السماوات والأرض حافلٌ بالآيات ولكن الآيات والنذُرَ لا تفيد الّذين لا يؤمنون، لانهم لم يلقوا بالاً إليها ولم يتدبّروها.
{ فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ }.
يقول الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام محذِّراً من قومه: هل ينتظر هؤلاء المكذِّبون إلا أن ينالهم من الأيام الشِداد مثلُ ما أصابَ الذين مضَوا من الأمم السابقة‍‍!؟.
{ قُلْ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنَّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ }.
قل أيها النبي منذِرا ومهدّدا: إذا كنتم تنتظرون مثلَ ذلك، فانتظروا إنّي معكم من المنتظرين. وهذا تهديدٌ كبير من رب العالمين.
{ ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ ٱلْمُؤْمِنِينَ }.
ان سنَّتنا في رسُلنا مع أقوامهم الذين يبلّغونهم الدعوةَ، ان يؤمنَ بعضُهم فيما يصّر آخرون على الكفر. فننجّي رسلَنا والمؤمنين من العذاب ونهلك المكذّبين. هذا وعدُ حقٌّ علينا لا نُخْلِفُه كما قال تعالى:
{ { سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً } [الإسراء: 77].
قراءات:
قرأ يعقوب: "ثم نُنْجى" بالتخفيف. والباقون بالتشديد "نُنَجِّي" وقرأ الكسائي ويعقوب وخفص: "ننج المؤمنين" باسكان النون الثانية وحذف الياء لالتقاء الساكنين، والباقون بالتشديد.
{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي فَلاَ أَعْبُدُ ٱلَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلَـٰكِنْ أَعْبُدُ ٱللَّهَ ٱلَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ }.
في هذه الآية والتي بعدها أَمر الله بإعلان الدين الإسلامي، وإظهارِ الفارق بينه وبين ما عليه المشركون والمكذّبون من عبادة الأوثان.
قل أيها الناس جميعا: ان كنتم في شك من ان ديني الذي أدعوكم إليه هو الحقُّ، فان هذا لا يحوِّلني عن يَقيني، ولا يجعلني أعبدُ آلهتكم التي تعبُدونها من دونِ الله، فهو الّذي يملك أجسامكم وأعماركم، وقد أمرني أن أكونَ من المؤمنين به.
{ وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ }.
وأمُرتُ أن أُقيم وجهي للدين القيّم واتوجّه الى الله وحدَه، وأن لا أدخُلَ في غِمار الذين أشركوا بالله، بل أبتعدَ عنهم أنا ومن اتّبعني من المؤمنين.
{ وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ ٱلظَّالِمِينَ }.
ولا تلجأُ بالدعاء والعبادة الى غير الله مما لا يجلب لك نفعا، ولا ينزل بك ضررا، فانك ان فعلت ذلك كنتَ من الظالمين وهذا النهي الموجه للنبي عليه الصلاة والسلام هو موجه لأمته.