التفاسير

< >
عرض

فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ ٱلخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ
٩٨
وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي ٱلأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ
٩٩
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَيَجْعَلُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ
١٠٠
-يونس

تيسير التفسير

الخزي: الذل والهوان. الى حِين: الى مدة من الزمن. الرِجْس: العذاب.
بعد ان بيّن الكتاب أن الّذين حقّت عليهم كلمةُ ربك لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم، جاء بهذه الآيات الثلاثِ لبيان سُنن الله تعالى في الأُمم مع رسلهم، وفي خلق البشر مستعدّين للإيمان والكفر، والخير والشر؛ وفي مشيئة الله وحُكمنه بأفعاله وأفعال عباده، وبيّن أن قوم يونُس آمنوا بعد كفرهم وانتفعوا بذلك الايمان.
{ فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ ٱلخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ }.
ولو أن أي قريةٍ من القرى تؤمن لنَفَعَها إيمانُها، إلا قوم يونس. فقد بُعث الى أهلِ نِينَوى بأرض الموصل، فدعاهم الى الايمان بالله وحده وترك ما يعبدون من الاصنام. ولم يستجيبوا له، فأخبرهم أن العذابَ آتيهم قريبا وتَرَكَهم ورحل عنهم. فلما أيقنوا بالهلاكِ آمنوا، فوجوا النفع لهم، فكشفنا عنهم عذاب الخِزي وما يترتّب عليه متَعناهم في الحياة الدنيا حيناً من الزمن.
{ وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي ٱلأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }.
ولو أراد اللهُ ان يؤمنَ أهل الأرض كلُّهم لآمنوا، فلا تحزنْ على كفرِ المشركين، فأنت لا تستطع ان تُكره الناس على ان يؤمنوا بالله. وقد اقتضت حكمة ربك ان يخلق البشر على هذه الحالة مستعدّين للخير والشر والكفر والإيمان. فليس لك أن تحاولَ إكراههم على الايمان.
{ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ }.
ما كان لنفسٍ (بمقتضى ما أعطاها الله من الاختيار والاستقلال في الافعال) ان تؤمن إلا بارادة الله ومقتضى سننه في نظام هذا الكون.
{ وَيَجْعَلُ ٱلرِّجْسَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ }.
فإذا كان كل شيء بمشيئته وتيسيره، فسُنّةُ الله ان يجعل العذاب والغضب على الّذين ينصرفون عن الحجج الواضحة ولا يتدبّرونها.
قراءات:
قرأ أبو بكر: "ونجعل" بالنون، والباقون: "ويجعل" بالياء.