التفاسير

< >
عرض

مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ
١٥
أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٦
أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ
١٧
-هود

تيسير التفسير

نوف اليهم: نؤد الحق كاملا. لا يبخسون: لا ينقصون. وحبط ما صنعوا: بطل وفسد. بينة: برهان واضح. يتلوه: يتبعه. مرية: شك.
بعد قيام الحجّةِ على حقيقة الاسلام، والتحديث الشديد بالقرآن وعجزهم عن الإتيان بمثله - ظل المشركون يكابرون.. لأنهم كانوا يخافون على ما يتمتعون به من منافع وسلطة وشهوات، لهذا يعقّب القرآنُ على ذلك كله بما يناسب حالهم ويصور لهم عاقبة أمرهم بقوله:
{ مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ }.
من كان يطلب الحياةَ الدنيا والتمتع بلذّاتها وزينتِها من طعامٍ وشرابٍ ومال وأولاد وغيرِ ذلك نعطِهم ثمراتِ أعمالهم لا يُنْقَص منها شيء.
{ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ ٱلنَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }.
هؤلاء الذين قَصَروا همَّهم على الدنيا وما فيها من لذائذ ليس لهم في الآخرة إلا عذاب النار، جزاءَ كل ما صنعوه في الدنيا، لأنه لم يكن للآخرة فيه نصيب.
وبعد ان ذكَر اللهُ مآل من يعمل للدنيا وزينتِها، ولا يهتمُّ بالآخرة وأعمالِها، ذكر هنا من كان يريدُ الآخرة ويعمل لها، ومعه شاهد عل صدقه وهو القرآن فقال:
{ أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إَمَاماً وَرَحْمَةً أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ }.
أفمَن كان يسير في حياته على بصرةٍ وهداية من ربّه، ومعه شاهدٌ بالصدقِ من الله وهو القرآن، وشاهدٌ من قبله وهو كتابُ موسى الذي أنزله الله قدوةً ورحمة لمتّبعيه، كمن يسيرُ على ضلالٍ وكفرٍ فلا يهتمُّ الا بالدنيا وزينتها؟! كلاّ أبداً.
اولئك الأَوّلون هم الذين أنارَ الله بصائرهم، فهم يؤمنون بالنبيّ والكتابِ الذي أُنزل عليه.
{ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ ٱلأَحْزَابِ فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }.
ومن يكفر به ممن تألّبوا على الحقّ وتحزَّبوا ضده، فالنارُ موعدُه يوم القيامة.
{ فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ }.
لا تكن أيها النبيّ في شكّ من هذا القرآن. وحاشا النبيَّ ان يشكّ. واذا كان لخطاب موجَّها اليه فالمقصود به كل من سمع برسالة محمد، والمعنى لا ينبغي لعاقلٍ ان يشك في رسالة محمد ولا في القرآن المنزل عليه.
{ إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ }.
ان هذا القرآن هو الحقُّ النازل من عند ربّك، لا يأتيه الباطل، ولكنّ اكثر الناس تُضِلُّهم شهواتهم فلا يؤمنون.