التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىۤ إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّيۤ أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٦٩
فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ
٧٠
قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ مَّاذَا تَفْقِدُونَ
٧١
قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ ٱلْمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ
٧٢
قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ
٧٣
قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ
٧٤
قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ
٧٥
فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ
٧٦
-يوسف

تيسير التفسير

آوى اليه اخاه: ضمه اليه. لا تبتئس: لا تحزن. السقاية: وعاء يسقى به ويُكال به الطعام، وهو المراد بصواع الملك. العير: القافلة من الابل والبغال والحمير. زعيم: كفيل.
ولما دخل اخوة يوسف عليه انزلهم منزلا كريما، واختص أخاه بنيامين بأن ضمّه إليه وأسرّ له قائلا: إني اخوك يوسف، فلا تحزنْ بما كانوا يصنعون معك، وما صنعوه معي.
ثم إنه أكرم وفادتهم، وكال لهم الطعام، وزادهم حِمْلَ بعير لأخيه وجهّزهم للسفر، لكنّه أمر أعوانه ان يدسّوا كأس شراب الملك في أمتعة أخيه بنيامين. وغادر القومُ، فنادى مناد: أيها الركْب القافلون بأحمالهم، قِفوا إنكم لسارقون.
ارتاع إخوة يوسف للنداء، واتجهوا الى المنادين يسألونهم: ما الذي ضاع منكم، أي شيء تفقدون؟ فأجابهم هؤلاء: لقد سرقتم سقاية الملك يوسف، ونحن نعطي لمن جاء به حِمل بعير من المؤونة.
فقال اخوة يوسف وقد فوجئوا بهذا الاتهام: إن اتهامكم ايّانا بالسرقة أمر عجيب. و{ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ }.
فقال فتيان يوسف وأعوانه لإخوته: فما جزاء من سرق صواع الملك ان ظهر انه عند احدكم؟ قالوا: من وجدتم ذلك في رحله فجزاؤه ان يؤخذ عبدا للملك، { كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ }.
فتش كبير الأعوان أحمالهم، مبتدئاً بالكبير منتهيا بالصغير، فوجد السقايةَ في عِدْل بنيامين. { كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ } وبذلك نجحت حيلته، وحق له ان يحتجز أخاه. ورجع بقية الإخوة الى مصر ودخلوا على يوسف مستعطِفين مسترحِمين. عند ذاك لامهم يوسف على ما صنعوا بعد ان اكرمهم وأحسن اليهم.
ثم علّل الله ما صنعه من التدبير ليوسف بقوله: { مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ } ولولا هذا التدبير لتعذر على يوسف ان يضم أخاه اليه. فنحن { ٱللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ } بالعلم والنبوة، { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ }.