التفاسير

< >
عرض

زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
٢١٢
-البقرة

تيسير التفسير

بعد التحذير من التلكؤ في الاستجابة للدعوة، والتبديل بعد النعمة ـ يذكُر لنا الله تعالى حال الذين كفروا وحال الذين آمنوا. فيقول: ان السبب في الانحراف و الكفر هو حب الدنيا، فقد زُين للذين كفروا هذه الحياة الدنيا فتهالكوا عليها، وتهافتوا فيها فمضوا يسخرون من المؤمنين مثل عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وصهيب، كما يسخرون من أغنياء المؤمنين بأنهم لا يتلذذون في الحياة. وقد رد تعالى على اولئك الساخرين بتفضيل أهل اليقين فقال { وَٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي أن المتقين المؤمنين سيكونون أعلى منهم في تلك الحياة الأبدية مقاما، وأرفع منزلة، فليمضوا في طريقهم لا يحفلون بشيء.
وستظل الحياة تعرف هذين الصنفين من الناس: المؤمنين الذين يتلقَّون قيمهم ومفاهيمهم من الله فيرفعهم ذلك عن سفساف الحياة واعراض الارض، والكافرين الذين زُينت لهم الحياة الدنيا واستعبدتهم أعراضُها فتبعوا مطامعهم وهبطوا الى الحضيض.
{ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ... }
يعطي كثيرا بلا تضييق ولا تقتير لمن يشاء، فهو قد يعطي الكافرين زينة الحياة الدنيا لحكمة منه، ويعطي المختارين من عباده ما يشاء في الدنيا والآخرة. فالعطاء كله من عنده. لذلك ترك كثيرا من الأبرار ومن الفجار متمتعين بسعة الرزق، وكثيرا من الفريقين فقراء معسرين. لكن المتقي يكون أكثر احتمالا، فلا يؤلمه الفقر كما يؤلم الفاجر، اذ هو بالتقوى يجد المخلّص من كل ضيق.