التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّقُواْ مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
٤٥
وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ
٤٦
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱلله قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٤٧
وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَذَا ٱلْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٤٨
مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ
٤٩
فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ
٥٠
وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ
٥١
قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ
٥٢
إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ
٥٣
فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
٥٤
-يس

تيسير التفسير

ما بين ايديكم: ما جرى للأمم السابقة. وما خلفكم: عذاب الآخرة. يخصِّمون: بكسر الصاد المشددة، يتخاصمون. الاجداث: جمع جدث، القبر. ينسِلون: يخرجون من قبورهم. من مرقدنا: من مكان نومنا، كأنهم كانوا نائمين في قبورهم.
واذا قيل لهؤلاء المكذّبين: خافوا ان يصيبكم مثلُ ما جرى للأمم الماضية بتكذيبهم الرسل، وخافوا عذاب الآخرة لعلّ الله يرحمكم - أعرضوا وولّوا مستكبرين.
ولا تجيئهم حجة من حجج الله الدالة على وحدانيته الا كانوا عنها منصرفين. أما اذا قيل لهم أنفِقوا على الفقراء والمحتاجين مما رزقكم الله، قالوا للمؤمنين: أتطلبون منا ان نطعم من لو أراد الله إطعامه لفعل!؟ انكم حقاً في ضلال مبين.
ويقول الكافرون مستهزئين: متى يحصل هذا البعث الذي تعدوننا به!
{ مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ }
ستأتيهم الساعة بغتة، وما ينتظرون الا صوتاً واحداً يقضي عليهم بغتة، وهم يتنازعون في شئون الدنيا غافلين عن الآخرة.
ثم بين الله سرعة حدوثها وأنها كلمح البصر او هي اقرب فقال:
{ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } يومذاك لن يوصوا في اموالهم بشيء، ولن يرجعوا الى أهلهم.
وقد رويت في ذلك احاديث كثيرة تبين هول ذلك الموقف.
ثم بين الله أنهم بعد موتهم يُنفخ في الصور النفخةَ الثانية، نفخةَ البعث من القبور فقال:
{ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ }
وبعد النفخة الثانية يخرجون من قبورهم مسرعين الى الله.... وكل هذه المواقف من الحياة الاخرى لا نعلم عن حقيقتها شيئا الا ما ورد في القرآن الكريم.
ثم بيّن الله تعالى انهم يعجبون حين يرون انفسهم قد خرجوا من قبورهم للبعث فيقولون:
{ قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا؟ }
من الذي أفاقنا من نومنا وبعثنا الى هذا الموقف!؟
فيقال لهم:
{ هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ.... } لَقد صدقَ المرسلون فيما أخبروا عنه.
ثم تأتي الصيحة الأخيرة:
{ فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ }
ويقف الجميع صفاً صفا منتظمين منتظرين حسابهم وجزاءهم، وعند ذلك يعلن القرار:
{ فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }
فيذهب اهل الجنة الى الجنة، واهل النار الى النار، ويلقى كلٌّ جزاءه بالعدل.
قراءات
قرأ ابن عامر وعاصم والكسائي: يَخِصّمون بفتح الياء وكسر الخاء والصاد المشددة. وقرأ ابن كثير وابو عمرو: يَخَصمون: بفتح الياء والخاء وتشديد الصاد المكسورة. وقرأ نافع: يخْصّمون: باسكان الخاء وتشديد الصاد وبهذا يكون جمع بين ساكنين. وفي المصحف الذي طبعه الملك الحسن في المغرب يَخَصّمون بفتح الياء والخاء وتشديد الصاد المسكورة. وقرأ حمزة: يخْصِمون: باسكان الخاء وكسر الصاد بدون تشديد.