التفاسير

< >
عرض

وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ
٧
يَسْمَعُ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٨
وَإِذَا عَلِمَ مِنْ ءَايَٰتِنَا شَيْئاً ٱتَّخَذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ
٩
مِّن وَرَآئِهِمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يُغْنِي عَنْهُم مَّا كَسَبُواْ شَيْئاً وَلاَ مَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ
١٠
هَـٰذَا هُدًى وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَٰتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ
١١
ٱللَّهُ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ ٱلْبَحْرَ لِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
١٢
وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لأيَٰتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ
١٣
قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ
١٤
مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ
١٥
-الجاثية

تيسير التفسير

أفاك: كذاب. أثيم: مذنب، مجرم كثير المعاصي. فبشّره بعذاب: جاء التعبير بالتبشير للاستهزاء به، لأن العذاب لا يبشَّر به. من ورائهم جهنم: تنتظرهم. يغني: يدفع عنهم. الرجز: عذاب من نوع شديد. سخر: هيأ. لتبتغوا من فضله: لتطلبوا من فضل الله. لا يرجون: لا يتوقعون حصولها. أيام الله: تطلق على ايام الخير، وأيام الشر.
الهلاكُ والعذاب لكل كذّاب في قوله وأثيم في فعله.. يسمع هذا المفتري آياتِ الله تُقرأ عليه ثم يبقى مصرّاً على كفره مستكبراً كأنْ لم يسمعها، فبشّره أيها الرسولُ بأشدّ العذاب.
وفي قوله تعالى { فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } تهكم واحتقار لهؤلاء المكذبين.
واذا وصل مثلُ هذا الى علمه شيء من آياتنا واستهزأ بها وسخِر منها.
{ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ }
من ورائهم جهنمُ تنتظرهم، ولا يدفعُ عنهم العذابَ ما كسبوا في الدنيا من الأموال والأولاد. ولا تُغني عنهم أصنامُهم التي عبدوها من دون الله شيئا، { وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.
إن هذا القرآن هدى من عند الله، والذين كفروا بآياتِ ربّهم لهم العذابُ المؤلم يوم القيامة! أما يعلمون انه وحده الذي ذلل البحرَ تجري السفنُ فيه بأمره، تحمِلُ الناسَ وجميع ما يحتاجون!! بفضله يَسَعُكم أن تطلبوا من خيراتِ البحر بالتجارة والصيد واستخراج ما فيه من لآلئ وتشكروه على ما أفاض عليكم من هذه النعم.
كذلك سخّر لكم جميع ما في السماوات وما في الأرض ليوفّر لكم منافعَ الحياة، وكل هذه النعم آياتٌ تدلّ على قدرته تعالى لقومٍ يتفكّرون في صنائع الله القدير.
ناظرَ طبيبٌ نصراني من أطباء الرشيد عليّ بن الحسين الواقدي المَرْوَزِيَّ، في مجلس الرشيد فقال له: ان في كتابكم ما يدلّ على ان عيسى بن مريم جزءٌ من الله تعالى، وتلا قوله:
{ { إِنَّمَا ٱلْمَسِيحُ عِيسَى ٱبْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ } [النساء: 171].
فقرأ الواقدي قوله تعالى: { وَسَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ } ثم قال: اذنْ يلزم ان تكونَ جميع تلك الأشياء جزءاً من الله! فانقطع الطبيب واسلم. وفرح الرشيد بذلك فرحاً شديدا، ووصَل الواقديَّ بصلةٍ فاخرة.
ثم بعد ذلك أمر الله المؤمنين ان يتحلّوا بأحسنِ الأخلاق، فطلب اليهم ان يصفَحوا عن الكافرين ويحتملوا أذاهم، وعند الله جزاؤهم بقوله تعالى:
{ قُل لِّلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيَّامَ ٱللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }
يا أيها الذين آمنوا: تسلَّحوا بالصبر، واغفِروا واصفَحوا تربحوا، فـَ { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا } ثم إنكم جميعاً إلى خالقكم تُرجَعون للجزاء.
قراءات:
قرأ حفص وابن كثير: من رجز أليمٌ برفع ميم اليم. والباقون: من رجز أليمٍ بجر أليمٍ على انه صفة لرجز. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي: لنجزي بالنون. والباقون: ليجزي بالياء.