التفاسير

< >
عرض

أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَٰهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَٰفِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
١٢٢
وَكَذٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَٰبِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
١٢٣
-الأنعام

تيسير التفسير

المِثل والمَثل (بفتح الميم وكسرها) الشبهُ والنظير. الأكابر: الرؤساء اصحاب النفوذ. المجرم: فاعل الفساد والضرر. القرية: البلد المكر: الخديعة، وصرف المرء عن مقصده الى غيره بالحيلة.
هنا مقارنة فبعد ان بين الله تعالى ان اكثر الناس ضالّون يتّبعون الظن، وأن كثيراً منهم يُضلون غيرهم بغير علم، وكيف أن من الشياطين متمردين على أمر ربهم، يظلّون يوسوسون الى أوليائهم، ويحاولون ان يزعزعوا ايمان المؤمنين، كما بيّن الفرق بين المؤمنين المهتدين حتى يقتدي الناس بهم، والكافرين الضالّين للنفير من طاعتهم والحذَر من غوايتهم - أراد هنا ان يقارن بين الفئتين فصوَّر لنا صورة تمثيلية بديعة ملخّصها:
أفمَن كان ميتاً بالكفر والجهل فأحييناه بالإيمان، وجعلنا له نوراً يسير على هديه في علاقاته بالناس، ويكون به على بصيرة، امر دينه وآدابه - هو في حالٍ مثل حال ذلك الذي يعيش في ظلام الجهل والكفر، والتقليد الاعمى وفساد الفطرة‍‍!! كما زيّن الإيمان في قلوب المؤمنين، زين الشيطان الشِرك في نفوس الظالمين الجاحدين.
{ وَكَذٰلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا... } الآية.
لا تعجب أيها النبيُّ اذا رأيتَ أكابر المجرمين في مكة يدبّرون الشر ويتفنّنون فيه. إن سنّة الله في الاجتماع البشري قد قضت أن يكون في كل مجتمع زعماء مجرمون يمكُرون بالرسل والمصلحين، لكن عاقبة هذا المكر والإجرام لاحقة بهم، منصّبه عليهم.
{ وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } وإن كانوا لا يشعرون بذلك.