التفاسير

< >
عرض

مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ
١١٣
وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ
١١٤
-التوبة

تيسير التفسير

لأواه: كثير التأوه، الخاشع الكثير الدعاء. حليم: لا يغضب، هادئ الأعصاب.
كان الكلام من اول السورة الى هنا براءة من الكفار والمنافقين في جميع الاحوال، وهنا بيّن الله تعالى انه يجب البراءة من الكفار ولو كانوا أُولي قرابة، وأن ابراهيم عندما استغفر لوالده كان قد وَعَدَه بذلك، فلما أصرَّ والده على كفره تبرأ ابراهيم منه.
{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ }.
ليس للنبي وللمؤمنين ان يطلبوا المغفرة للمشركين، ولو كانوا اقرب الناس اليهم، من بعد ما تبين لهم بالدليل انهم من اصحاب النار.
وقد وردت روايات ان هذه الآية نزلت في ابى طالب، وهذا غير صحيح، فان ابا طالب مات قبل الهجرة، وهذه الآية نزلت بعد غزوة تبوك والمدة بينهما نحو12 سنة.
ثم اجاب على سؤال قد يخطر بالبال، فيقال كيف يمنع النبي والمؤمنين من الاستغفار لاقربائهم وقد استغفر ابراهيم لأبيه فقال:
{ وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ }.
ولم يكن ما فعله ابراهيم عليه السلام من الاستغفار لأبيه، الا تحقيقا لوعد من ابراهيم له، وذلك بقوله تعالى:
{ { سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً } [مريم: 47] وبقوله: { وَٱغْفِرْ لأَبِيۤ إِنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلضَّآلِّينَ } [الشعراء: 87] وقد وفى ابراهيم بما وعد.
{ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ }.
فلما مات ابوه ولم يؤمن تبين له انه مات كافرا وانه عدو الله، فتبرأ منه وترك الاستغفار له.
{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ } ان ابراهيم كثير الخشية والدعاء لله، صبور على الأذى والصفح عن غيره.