التفاسير

< >
عرض

وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
١٥٠
-البقرة

أيسر التفاسير

(150) - وَيُكَرِّرُ اللهُ تَعَالَى أَمْرَهُ لِرَسُولِهِ الكَرِيمِ وَلِلمُؤْمِنِينَ حَيثُمَا كَانُوا بِالتَّوجُّهِ فَوْراً إِلى المَسْجِدِ الحَرَامِ لِكَيْلا يَكُونَ للنَّاسِ (وَهُمْ هُنَا أَهْلُ الكِتَابِ مِنَ اليَهُودِ) حُجَّةٌ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذَا تَرَكُوا قِبْلَتَهُم التِي أَمَرَهُمْ اللهُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَيها. وَكَانَ اليَهُودُ قَدْ قَالُوا إِنَّ مُحَمَّداً اشْتَاقَ إِلى بَيْتِ أَبِيهِ، وَدينِ قَوْمِهِ.
وَقَالَ بَعْضُ مُشْرِكِي قُرَيش (وَهُمْ الذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ): مَا دَامَ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى دِينِ إِبراهِيمَ، وَإِنَّهُ تَوَجَّهَ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ عَلَى مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ، فَلِمَ رَجَعَ عَنْهُ؟ فَأَجَابَهُمُ اللهُ تَعَالَى: إِنَّ مُحَمَّداً أَطَاعَ أَمْرَ رَبِّهِ فِي الأُولَى وَالثَّانِيَةِ. وَحَثَّ اللهُ نَبِيَّهُ وَالمُؤْمِنينَ عَلَى عَدَمِ الخَوْفِ وَالخَشْيَةِ مِنْ قَوْلِ الظَّالِمِينَ المُتَعَنِّتِينَ وَفِعْلِهِمْ، وَحَثَّهُمْ تَعَالَى عَلَى إِطاعَةِ أَمرِِهِ وَالخَشْيَةِ مِنْهُ. وَامْتِثَالُ المُؤْمِنينَ لأَمْرِ اللهِ في الاتِّجَاهِ إِلى جِهَةِ البَيْتِ الحَرَامِ، يُبْطِلُ حُجَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ في الطَّعْنِ عَلَى النُبُوَّةِ بِتَحْوِيلِ القِبْلَةِ عَنْ بَيْتِ المَقْدِسِ إِلَى الكَعْبَةِ، لأَنَّ أَهلَ الكِتَابِ كَانُوا يَعْلَمُونَ مِنْ كُتُبِهِمْ أَنَّ النَّبِيَّ الذِي سَيُبْعَثُ مِنَ ولدِ إِسْمَاعِيلَ يَكُونُ عَلَى قِبْلَتِهِ، وَهِيَ الكَعْبَةُ، فَبَقاءُ بَيْتِ المَقْدِسِ قِبْلةً دَائِمَةً لَهُ حُجَّةٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ النَّبِيَّ المُبَشَّرَ بِهِ، فَلَمَّا جَاءَ هذا التَّحوِيلُ عَرَفُوا أَنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ.