التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُمْ بِٱلْمَعْرُوفِ ذٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ
٢٣٢
-البقرة

مختصر تفسير ابن كثير

قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين فتنقضي عدتها ثم يبدو له أن يتزوجها وأن يراجعها وتريد المرأة ذلك فيمنعها أولياؤها من ذلك فنهى الله أن يمنعوها، والذي قاله ظاهر من الآية، وفيها دلالة على أن المرأة لا تملك أن تزوج نفسها، وأنه لا بد في النكاح من ولي، وفي هذه المسألة نزاع بين العلماء محرر في موضعه من كتب الفروع، وقد قررنا ذلك في كتاب الأحكام ولله الحمد والمنة.
وقد روي أن هذه الآية نزلت في (معقل بن يسار المزني) وأُخته. روى الترمذي عن معقل بن يسار أنه زوج أخته رجلاً من المسلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت عنده ما كانت، ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت عدتها، فهويها وهويته ثم خطبها مع الخطاب، فقال له: يا لكع ابن لكع أكرمتك بها وزوجتكها فطلقتها، والله لا ترجع إليك أبداً آخر ما عليك، قال: فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها فأنزل الله: { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ }، إلى قوله: { وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }، فلما سمعها معقل قال: سمع لربي وطاعة ثم دعاه فقال: أزوجك وأكرمك.
وقوله تعالى: { ذٰلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } أي هذا الذي نهيناكم عنه من منع الولايا أن يتزوجن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف، يأتمر به ويتعظ به وينفعل له { مَن كَانَ مِنكُمْ } أيها الناس { يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } أي يؤمن بشرع الله ويخاف وعيد الله وعذابه في الدار الآخرة وما فيها من الجزاء { ذٰلِكُمْ أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ } أي اتباعكم شرع الله في رد الموليات إلى أزواجهن، وترك الحَميَّة في ذلك { أَزْكَىٰ لَكُمْ وَأَطْهَرُ } لقلوبكم { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ } أي من المصالح فيما يأمر به وينهى عنه { وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } أي الخيرة فيما تأتون ولا فيما تذرون.