التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ
٧٢
فَقُلْنَا ٱضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
٧٣
-البقرة

مختصر تفسير ابن كثير

قال البخاري: { فَٱدَّارَأْتُمْ فِيهَا } اختلفتم وهكذا قال مجاهد، { وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } قال مجاهد: ما تغيبون. عن المسيب بن رافع: "ما عمل رجل حسنة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وما عمل رجل سيئة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله"، وتصديق ذلك في كلام الله: { وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ } { فَقُلْنَا ٱضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا } هذا البعض أي شيء كان من أعضاء هذه البقرة، فالمعجزة حاصلة به وخرق العادة به كائن، فلو كان في تعيينه لنا فائدة تعود علينا في أمر الدين أو الدنيا لبيَّنه الله تعالى لنا، ولكنه أبهمه ولم يجيء من طريق صحيح عن معصوم بيانه فنحن نبهمه كما أبهمه الله.
وقوله تعالى: { كَذَلِكَ يُحْيِي ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ } أي فضربوه فحييَ، ونبّه تعالى على قدرته وإحيائه الموتى بما شاهدوه من أمر القتيل، جعل تبارك وتعالى ذلك الصنيع حجة لهم على المعاد، وفاصلاً ما كان بينهم من الخصومة والعناد، والله تعالى قد ذكر في هذه السورة مما خلقه من إحياء الموتى في خمسة مواضع:
{ { ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ } [البقرة: 56] وهذ القصة، وقصة الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، وقصة الذي مرّ على قرية وهي خاوية على عروشها، وقصة إبراهيم عليه السلام والطيور الأربعة، ونبّه تعالى بإحياء الأرض بعد موتها على إعادة الأجسام بعد صيرورتها رميماً، كما قال أبو رزين العقيلي رضي الله عنه، قال: قلت يا رسول الله: كيف يحيي الله الموتى؟ قال: " أما مررت بوادٍ ممحل ثم مررت به خضراً"؟ قال: بلى، قال: { { كَذَلِكَ ٱلنُّشُورُ } [فاطر: 9]، أو قال: { كَذَلِكَ يُحْيِي ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ } وشاهد هذا قوله تعالى: { { وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } [يس: 33].