التفاسير

< >
عرض

وَمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَآ إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ
٦٤
فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ
٦٥
لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ
٦٦
-العنكبوت

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى مخبراً عن حقارة الدنيا وزوالها وانقضائها، وأنها لا دوام لها وغاية ما فيها لهو ولعب { وَإِنَّ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ لَهِيَ ٱلْحَيَوَانُ } أي الحياة الدائمة، الحق الذي لا زوال له ولا انقضاء، بل هي مستمرة أبد الآباد، وقوله تعالى: { لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } أي لآثروا ما يبقى على ما يفنى. ثم أخبر تعالى عن المشركين أنهم عند الاضطرار يدعونه وحده لا شريك له، فلا يكون هذا منهم دائماً { فَإِذَا رَكِبُواْ فِي ٱلْفُلْكِ دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ }، كقوله تعالى: { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِي ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ } [الإسراء: 67] الآية. وقال هٰهنا: { فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ }. وقد ذكر محمد ابن إسحاق عن (عكرمة بن أبي جهل) أنه لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، ذهب فاراً منها، فلما ركب في البحر ليذهب إلى الحبشة اضطربت بهم السفينة، فقال أهلها: يا قوم أخلصوا لربكم الدعاء، فإنه لا ينجي هٰهنا إلاّ هو، فقال عكرمة: والله لئن كان لا ينجي في البحر غيره فإنه لا ينجي في البر أيضاً غيره، اللهم لك عليَّ عهد لئن خرجت لأذهبن فلأضعن يدي في يد محمد، فلأجدنه رؤوفاً رحيماً، فكان كذلك. وقوله تعالى: { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ } هذه اللام (لام العاقبة) لأنهم لا يقصدون ذلك ولا شك أنها كذلك بالنسبة إليهم، وأما بالنسبة إلى تقدير الله عليهم ذلك، وتقييضه إياهم لذلك فهي لام التعليل، وقد قدمنا تقرير ذلك في قوله: { لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [القصص: 8].