التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ
١٦
ٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْمُنْفِقِينَ وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ
١٧
-آل عمران

مختصر تفسير ابن كثير

يصف تبارك وتعالى عباده المتقين الذين وعدهم الثواب الجزيل فقال تعالى: { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا } أي بك وبكتابك وبرسولك، { فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا } أي بإيماننا بك وبما شرعته لنا فاغفر لنا ذنوبنا بفضلك ورحمتك { وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ }، ثم قال تعالى: { ٱلصَّابِرِينَ } أي في قيامهم بالطاعات وتركهم المحرمات، { وَٱلصَّادِقِينَ } فيما أخبروا به من إيمانهم بما يلتزمونه من الأعمال الشاقة، { وَٱلْقَانِتِينَ } والقنوت: الطاعة والخضوع، { وَٱلْمُنْفِقِينَ } أي من أموالهم في جميع ما أمروا به من الطاعات، وصلة الأرحام والقرابات، وسد الخَلاّت، ومواساة ذوي الحاجات، { وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ } دل على فضيلة الاستغفار وقت الأسحار، وقد قيل: إن يعقوب عليه السلام لما قال لبنيه: { { سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّيۤ } [يوسف: 98] إنه أخرهم إلى وقت السحر، وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ينزل الله تبارك وتعالى في كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟" .
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: "من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أوله وأوسطه وآخره، فانتهى وتره إلى السحر" . وكان عبد الله بن عمر يصلي من الليل ثم يقول: يا نافع هل جاء السحر؟ فإذا قال: نعم، أقبل على الدعاء والاستغفار حتى يصبح. وقال ابن جرير، عن إبراهيم بن حاطب، عن أبيه قال: سمعت رجلاً في السحر في ناحية المسجد وهو يقول: يا رب أمرتني فأطعتك، وهذا السحر فاغفر لي، فنظرت فإذا هو ابن مسعود رضي الله عنه، وعن أنس بن مالك قال: كنا نؤمر إذا صلينا من الليل أن نستغفر في آخر السحر سبعين مرة.