التفاسير

< >
عرض

إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ
٤٣
طَعَامُ ٱلأَثِيمِ
٤٤
كَٱلْمُهْلِ يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ
٤٥
كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ
٤٦
خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ
٤٧
ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ
٤٨
ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ
٤٩
إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ
٥٠
-الدخان

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى مخبراً عما يعذب به الكافرين الجاحدين للقائه { إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ * طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } و{ ٱلأَثِيمِ } أي في قوله وفعله، وهو الكافر، وذكر غير واحد أنه (أبو جهل)، ولا شك في دخوله في هذه الآية، ولكن ليست خاصة به، قال همام بن الحارث: إن أبا الدرداء كان يقرىء رجلاً: { إِنَّ شَجَرَةَ ٱلزَّقُّومِ * طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } فقال: طعام اليتيم، فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: قل: إن شجرة الزقوم طعام الفاجر، أي ليس له طعام من غيرها، قال مجاهد: ولو وقعت قطرة منها في الأرض لأفسدت على أهل الأرض معايشهم، وقوله { كَٱلْمُهْلِ } كعكر الزيت { يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ * كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ } أي من حرارتها ورداءتها، وقوله تعالى: { خُذُوهُ } أي الكافر، وقد ورد أنه تعالى إذا قال للزبانية { خُذُوهُ } ابتدره سبعون ألفاً منهم، وقوله { فَٱعْتِلُوهُ } أي سوقوه سحباً ودفعاً في ظهره، قال مجاهد { خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ } أي خذوه فادفعوه، { إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } أي وسطها { ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ } كقوله عزّ وجلّ: { يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ ٱلْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَٱلْجُلُودُ } [الحج: 19-20]. وقد تقدم أن الملك يضربه بمقمعة من حديد فتفتح دماغه، ثم يصب الحميم على رأسه فينزل في بدنه، فيسلت ما في بطنه من أمعائه حتى تمرق من كعبيه، أعاذنا الله تعالى من ذلك، وقوله تعالى: { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } أي قولوا له ذلك على وجه التهكم والتوبيخ، وقال الضحاك عن ابن عباس: أي لست بعزيز ولا كريم، وقد قال الأموي في "مغازيه"، حدثنا أسباط بن محمد، حدثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة قال: "لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جهل، لعنه الله فقال: إن الله تعالى أمرني أن أقول لك: أولى لك فأولى، ثم أولى لك فأولى، قال، فنزع ثوبه من يده وقال: ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء، ولقد علمت أني أمنع أهل البطحاء، وأنا العزيز الكريم. قال: فقتله الله تعالى يوم بدر وأذله، وعيَّره بكلمته، وأنزل: { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ }" . وقوله عزّ وجلّ: { إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } كقوله تعالى: { هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ * أَفَسِحْرٌ هَـٰذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُونَ } [الطور: 14-15].