التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
٢٤
-الأنفال

مختصر تفسير ابن كثير

قال البخاري: { ٱسْتَجِيبُواْ } أجيبوا { لِمَا يُحْيِيكُمْ } لما يصلحكم، عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال: "كنت أصلي فمر بي النبي صلى الله عليه وسلم فدعاني، فلم آته حتى صليت، ثم أتيته فقال: ما منعك أن تأتيني؟ ألم يقل الله: { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ }، ثم قال: لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن أخرج، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج فذكرت له. فقال: { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } هي السبع المثاني" . وقال مجاهد { لِمَا يُحْيِيكُمْ } قال: للحق، وقال قتادة { لِمَا يُحْيِيكُمْ } هو هذا القرآن فيه النجاة والبقاء والحياة؛ وقال السدي: { لِمَا يُحْيِيكُمْ } ففي الإسلام إحياؤهم بعد موتهم بالكفر، وقوله تعالى: { وَاعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِ }، قال ابن عباس: يحول بين المؤمن وبين الكفر، وبين الكافر وبين الإيمان؛ وقال السدي: لا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه، وقد وردت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يناسب هذه الآية؛ قال الإمام أحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قال: فقلنا يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا؟ قال: نعم إن القلوب بين إصبعين من أصابع الله تعالى يقلبها" .
(حديث آخر): قال الإمام أحمد عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمٰن رب العالمين إذا شاء أن يقيمه أقامه، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه" ، وكان يقول: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" قال: "والميزان بيد الرحمٰن يخفضه ويرفعه" . (حديث آخر): قال الإمام أحمد عن أم سلمة أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه يقول: "اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك قالت، فقلت: يا رسول الله أو إن القلوب لتقلب؟ قال: نعم ما خلق الله من بشر من بني آدم إلا أن قلبه بين أصبعين من أصابع الله عزَّ وجلَّ، فإن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه، فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب قالت: فقلت: يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي؟ قال: بلى، قولي اللهم رب النبي محمد اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتني" .