التفاسير

< >
عرض

وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَآءٍ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ
٥٨
-الأنفال

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ } قد عاهدتهم { خِيَانَةً } أي نقضاً لما بينك وبينهم من المواثيق والعهود { فَٱنْبِذْ إِلَيْهِمْ } أي عهدهم على سواء: أي أعلمهم بأنك قد نقضت عهدم حتى يبقى علمك وعلمهم بأنك حرب لهم وهم حرب لك، وأنه لا عهد بينك وبينهم على السواء، أي تستوي أنت وهم في ذلك، قال الراجز:

فاضرب وجوه الغدر للأعداءحتى يجيبوك إلى السواء

{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ } ولو في حق الكفار لا يحبها أيضاً، عن سليم بن عامر قال: كان معاوية يسير في أرض الروم، وكان بينه وبينهم أمد فأراد أن يدنوا منهم، فإذا انقضى الأمد غزاهم، فإذا شيخ على دابة يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاء لا غدر، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ومن كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة ولا يشدها، حتى ينقضي أمدها، أو ينبذ إليهم على سواء" ، قال فبلغ ذلك معاوية، فرجع فإذا بالشيخ عمرو بن عنبسة رضي الله عنه. وقال الإمام أحمد عن سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه انتهى إلى حصن أو مدينة، فقال لأصحابه: دعوني أدعوهم كما رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم، فقال: إنما كنت رجلاً منكم فهداني الله عزَّ وجلَّ للإسلام، فإن أسلمتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا، وأن أبيتم فأدوا الجزية وأنتم صاغرون، وإن أبيتم نابذناكم على سواء، { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلخَائِنِينَ } يفعل ذلك بهم ثلاثة أيام، فلما كان اليوم الرابع غدا الناس إليها ففتحوها بعون الله.