خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُمْ مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَىٰ قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ
٥٢
-هود

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالـى ذكره مخبراً عن قـيـل هود لقومه: { وَيا قَوْم اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ } يقول: آمنوا به حتـى يغفر لكم ذنوبكم. والاستغفـار: هو الإيـمان بـالله فـي هذا الـموضع، لأن هوداً صلى الله عليه وسلم إنـما دعا قومه إلـى توحيد الله لـيغفر لهم ذنوبهم، كما قال نوح لقومه: { { اعْبُدُوا اللَّهَ واتَّقُوهُ وأطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبكُمْ وَيُوَخِّرْكُمْ إلـى أجَلٍ مُسَمًّى } }. وقوله: { ثُمَّ تُوبُوا إلَـيْهِ } يقول: ثم توبوا إلـى الله من سالف ذنوبكم وعبـادتكم غيره بعد الإيـمان به. { يُرْسلِ السَّماءَ عَلَـيْكُمْ مِدْرَاراً } يقول: فإنكم إن آمنتـم بـالله وتبتـم من كفركم به، أرسل قَطْرَ السماء علـيكم يُدِرّ لكم الغيث فـي وقت حاجتكم إلـيه، وتـحيا بلادكم من الـجدب والقحط.

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي علـيّ بن داود، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { مِدْرَاراً } يقول: يتبع بعضها بعضاً.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: { يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَـيْكُمْ مِدْرَاراً } قال: يدرّ ذلك علـيهم قطرا ومطرا.

وأما قوله: { وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلـى قُوَّتِكُمْ } فإن مـجاهداً كان يقول فـي ذلك ما:

حدثنـي به مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قول الله: { وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلـى قُوَّتِكُمْ } قال: شدة إلـى شدّتِكمْ.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد وإسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين: قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مـجاهد، فذكر مثله.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: { وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلـى قُوَّتِكُمْ } قال: جعل لهم قوّة، فلو أنهم أطاعوه، زادهم قوّة إلـى قوّتهم. وذكر لنا أنه إنـما قـيـل لهم: { وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلـى قُوَّتِكُمْ } قال: إنه قد كان انقطع النسل عنهم سنـين، فقال هود لهم: إن آمنتـم بـالله أحيا الله بلادكم ورزقكم الـمال والولد، لأن ذلك من القوّة.

وقوله: { وَلا تَتَوَلَّوْا مُـجْرِمِينَ } يقول: ولا تدبروا عما أدعوكم إلـيه من توحيد الله، والبراءة من الأوثان والأصنام مـجرمين، يعنـي كافرين بـالله.