خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ آمِنِينَ
٩٩
وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَاً وَقَالَ يٰأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بَيۤ إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ ٱلسِّجْنِ وَجَآءَ بِكُمْ مِّنَ ٱلْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ
١٠٠
-يوسف

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول جلّ ثناؤه: فلـما دخـل يعقوبُ وولده وأهلوهم علـى يوسف { آوَى إلَـيْهِ أبَوَيْهِ } يقول: ضمّ إلـيه أبويه، فقال لهم: { ادْخُـلُوا مِصْرَ إنْ شاءَ اللّهُ آمِنِـينَ }.

فإن قال قائل: وكيف قال لهم يوسف: { ادْخُـلُوا مِصْر إنْ شاءَ اللّهُ آمِنِـينَ } بعد ما دخـلوها، وقد أخبر الله عزّ وجلّ عنهم أنهم لما دخولها علـى يوسف وضمّ إليه أبويه قال لهم هذا القول؟ قيل: قد اختلف أهل التأويـل فـي ذلك فقال بعضهم: إن يعقوب إنـما دخـل علـى يوسف هو وولده، وآوى يوسف أبويه إلـيه قبل دخول مصر، قالوا: وذلك أن يوسف تلقـى أبـاه تكرمة له قبل أن يدخـل مصر، فآواه إلـيه، ثم قال له ولـمن معه: { ادْخُـلُوا مِصْرَ إنْ شاءَ اللّهُ آمِنِـينَ } بها قبل الدخول. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو، عن أسبـاط، عن السديّ: فحملوا إلـيه أهلهم وعيالهم، فلـما بلغوا مصر كلـم يوسف الـملك الذي فوقه، فخرج هو والـملوك يتلقونهم، فلـما بلغوا مصر { قال ادْخُـلُوا مِصْرَ إنْ شاءَ اللّهُ آمِنِـينَ } { فَلَـمَّا دَخَـلُوا علـى يُوسُفَ آوَى إلَـيْهِ أبَوَيْهِ }.

حدثنـي الـحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا جعفر بن سلـيـمان، عن فرقد السبخيّ، قال: لـما ألقـي القميص علـى وجهه ارتدّ بصيراً، وقال: ائتونـي بأهلكم أجميعن فحُمل يعقوب وإخوة يوسف فلـما دنا أُخبر يوسف أنه قد دنا منه، فخرج يتلقاه. قال: وركب معه أهل مصر، وكانوا يعظمونه فلـما دنا أحدهما من صاحبه، وكان يعقوب يـمشي وهو يتوكأ علـى رَجل من ولده يقال له يهوذا، قال: فنظر يعقوب إلـى الـخيـل والناس، فقال: يا يهوذا هذا فرعون مصر؟ قال: لا، هذا ابنك. قال: فلـما دنا كل واحد منهما من صاحبه، فذهب يوسف يبدؤه بـالسلام، فمنع من ذلك، وكان يعقوب أحقّ بذلك منه وأفضل، فقال: السلام علـيك يا ذاهب الأحزان عنـي، هكذا قال: « يا ذاهب الأحزان عنـي ».

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: قال حجاج: بلغنـي أن يوسف والـملك خرجا فـي أربعة آلاف يستقبلون يعقوب وبنـيه.

قال: وحدثنـي من سمع جعفر بن سلـيـمان يحكي، عن فرقد السبخيّ، قال: خرج يوسف يتلقـى يعقوب وركب أهل مصر مع يوسف، ثم ذكر بقـية الـحديث، نـحو حديث الـحارث، عن عبد العزيز.

وقال آخرون: بل قوله: { إنْ شاءَ اللّهُ } استثناء من قول يعقوب لبنـيه { { أسْتَغفِرُ لَكُمْ رَبّـي } قال: وهو من الـمؤخر الذي معناه التقديـم، قالوا: وإنـما معنى الكلام: قال: أستغفر لكم ربـي إن شاء الله إنه هو الغفور الرحيـم. { فَلَـمَّا دَخَـلُوا علـى يُوسُفَ آوَى إلَـيْهِ أبَوَيْهِ وقالَ ادْخـلوا مصْر } ورفع أبويه. ذكر من قال ذلك:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج: { { قالَ سَوْفَ أسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبّـي } إن شاء الله آمنـين. وبـين ذلك ما بـينه من تقديـم القرآن.

يعنـي ابن جريج: «وبـين ذلك ما بـينه من تقديـم القرآن» أنه قد دخـل بـين قوله: { سَوْفَ أسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبّـي } وبـين قوله: { إنْ شاءَ اللّهُ } من الكلام ما قد دخـل، وموضعه عنده أن يكون عقـيب قوله: { سَوْفَ أسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبّـي }.

والصواب من القول فـي ذلك عندنا ما قاله السُّديّ، وهو أن يوسف قال ذلك لأبويه ومن معهما من أولادهما وأهالـيهم قبل دخولهم مصر حين تلقاهم، لأن ذلك فـي ظاهر التنزيـل كذلك، فلا دلالة تدلّ علـى صحة ما قال ابن جريج، ولا وجه لتقديـم شيء من كتاب الله عن موضعه أو تأخيره عن مكانه إلا بحجة واضحة.

وقيل: عُنِـي بقوله: { آوَى إلَـيْهِ أبَوَيْهِ }: أبوه وخالته. وقال الذين قالوا هذا القول: كانت أمّ يوسف قد ماتت قبلُ. وإنـما كانت عند يعقوب يومئذٍ خالته أخت أمه، كان نكحها بعد أمه. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو، عن أسبـاط، عن السديّ: { فَلَـمَّا دَخَـلُوا علـى يُوسُفَ آوَى إلَـيْهِ أبَوَيْهِ } قال: أبوه وخالته.

وقال آخرون: بل كان أبـاه وأمه. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق: { فَلَـمَّا دَخَـلُوا علـى يُوسُفَ آوَى إلَـيْهِ أبَوَيْهِ } قال: أبـاه وأمه.

وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب ما قاله ابن إسحاق لأن ذلك هو الأغلب فـي استعمال الناس والـمتعارف بـينهم فـي «أبوين»، إلا أن يصحّ ما يقال من أن أم يوسف كانت قد ماتت قبل ذلك بحجة يجب التسلـيـم لها، فـيسلَّـم حينئذٍ لها.

وقوله: { وَقالَ ادْخُـلُوا مِصْرَ إنْ شاءَ اللّهُ آمِنِـينَ } مـما كنتـم فـيه فـي بـاديتكم من الـجدب والقحط.

وقوله: { وَرَفَعَ أبَوَيْهِ علـى العَرْشِ } يعنـي: علـى السرير. كما:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو، عن أسبـاط، عن السديّ: { وَرَفَعَ أبَوَيْهِ علـى العَرْشِ } قال: السرير.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا مـحمد بن يزيد الواسطيّ، عن جويبر، عن الضحاك، قال: العرش: السرير.

قال: ثنا شبـابة، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله: { وَرَفَعَ أبَوَيْهِ علـى العَرْشِ } قال: السرير.

حدثنا مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.

حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل عن ابن أبـي نـجيح عن مـجاهد، وحدثنـي الـمثنى قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد مثله.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.

حدثنـي الـمثنى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد وحدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَرَفَعَ أبَوَيْهِ علـى العَرْشِ } قال: سريره.

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { عَلـى العَرْشِ } قال: علـى السرير.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس: { وَرَفَعَ أبَوَيْهِ علـى العَرْشِ } يقول: رفع أبويه علـى السرير.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: قال سفـيان: { وَرَفَعَ أبَوَيْهِ علـى العَرْشِ } قال: علـى السرير.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: { وَرَفَعَ أبَوَيْهِ علـى العَرْشِ } قال: مـجلسه.

حدثنـي ابن عبد الرحيـم البرقـيّ، قال: ثنا عمرو بن أبـي سلـمة، قال: سألت زيد بن أسلـم، عن قول الله تعالـى: { وَرَفَعَ أبَوَيْهِ علـى العَرْشِ } فقلت: أبلغك أنها خالته، قال: قال ذلك بعض أهل العلـم، يقولون: إن أمه ماتت قبل ذلك وإن هذه خالته.

وقوله: { وخَرُّوا لَهُ سُجَّداً } يقول: وخرّ يعقوبُ وولده وأمه لـيوسف سجداً.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس: { وخَرُّوا لَهُ سُجَّداً } يقول: رفع أبويه علـى السرير، وسجدا له، وسجد له إخوته.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: تَـحَمَّلَ يعنـي يعقوب بأهله حتـى قدموا علـى يوسف فلـما اجتـمع إلـى يعقوب بنوه دخـلوا علـى يوسف فلـما رأوه وقعوا له سجوداً، وكانت تلك تـحية الـملوك فـي ذلك الزمان أبوه وأمه وإخوته.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً } وكانت تـحية من قبلكم، كان بها يحيـيّ بعضهم بعضاً، فأعطى الله هذه الأمة السلام، تـحية أهل الـجنة، كرامة من الله تبـارك وتعالـى عَجَّلَها لهم ونعمة منه.

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً } قال: وكانت تـحية الناس يومئذٍ أن يسجد بعضهم لبعض.

حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو إسحاق، قال: قال سفـيان: { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً } قال: كانت تـحية فـيهم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج: { وَخَرُّوا لَهُ سُجِّداً } أبواه وإخوته، كانت تلك تـحيتهم كما تصنع ناس الـيوم.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا الـمـحاربـيّ، عن جويبر، عن الضحاك: { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً } قال: تـحية بـينهم.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً } قال: قال ذلك السجود تشرفه، كما سجدت الـملائكة لآدم تشرفة لـيس بسجود عبـادة.

وإنـما عنى من ذكر بقوله: إن السجود كان تـحية بـينهم، أن ذلك كان منهم علـى الـخُـلُق لا علـى وجه العبـادة من بعضهم لبعض. ومـما يدلّ علـى أن ذلك لـم يزل من أخلاق الناس قديـماً علـى غير وجه العبـادة من بعضهم لبعض، قول أعشى بنـي ثعلبة:

فَلَـمَّا أتانا بُعَيْدَ الكَرَىسَجَدْنا لَهُ وَرَفَعْنا العَمَارَا

وقوله: { يا أبَتِ هَذَا تَأْوِيـلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبّـي حَقًّا } يقول جلّ ثناؤه: قال يوسف لأبـيه: يا أبت هذا السجود الذي سجدت أنت وأمي وإخوتـي لـي { تَأْوِيـلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ } يقول: ما آلت إلـيه رؤياي التـي كنت رأيتها. وهي رؤياه التـي كان رآها قبل صنـيع إخوته ما صنعوا، أن أحد عشر كوكبـاً والشمس والقمر له ساجدون. { قَدْ جَعَلَها رَبّـي حَقًّا } يقول: قد حققها ربـي لـمـجيء تأويـلها علـى الصحة.

وقد اختلف أهل العلـم فـي قدر الـمدّة التـي كانت بـين رؤيا يوسف وبـين تأويـلها فقال بعضهم: كانت مدة ذلك أربعين سنة. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا الـمعتـمر، عن أبـيه، قال: ثنا أبو عثمان، عن سلـمان الفـارسيّ، قال: كان بـين رؤيا يوسف إلـى أن رأى تأويـلها أربعون سنة.

حدثنـي يعقوب بن برهان ويعقوب بن إبراهيـم، قالا: ثنا ابن عُلـيَة، قال: ثنا سلـيـمان التـيـميّ، عن أبـي عثمان النهديّ، قال: قال عثمان: كانت بـين رؤيا يوسف وبـين أن رأى تأويـله، قال: فذكر أربعين سنة.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن عُلَـية، عن التـيـميّ، عن أبـي عثمان، عن سلـمان، قال: كان بـين رؤيا يوسف وتأويـلها أربعون سنة.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو نعيـم، قال: ثنا سفـيان، عن أبـي سنان، عن عبد الله بن شدّاد، قال: رأى تأويـل رؤياه بعد أربعين عاماً.

قال: ثنا سفـيان، عن سلـيـمان التـيـمي، عن أبـي عثمان، عن سلـمان، مثله.

حدثنـي أبو السائب، قال: ثنا ابن فضيـل، عن ضرار، عن عبد الله بن شداد أنه سمع قوماً يتنازعون فـي رؤيا رآها بعضهم وهو يصلـي، فلـما انصرف سألهم عنها، فكتـموه فقال: أما إنه جاء تأويـل رؤيا يوسف بعد أربعين عاماً.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن إسرائيـل، عن ضرار بن مرّة أبـي سنان، عن عبد الله بن شدّاد، قال: كان بـين رؤيا يوسف وتأويـلها أربعون سنة.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن فضيـل وجرير، عن أبـي سنان، قال: سمع عبد الله بن شدّاد قوما يتنازعون فـي رؤيا، فذكر نـحو حديث أبـي السائب، عن ابن فُضَيـل.

حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفـيان، عن سلـيـمان التـيـمي، عن أبـي عثمان، عن سلـمان، قال: رأى تأويـل رؤياه بعد أربعين عاماً.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: أخبرنا ابن عيـينة، عن أبـي سنان، عن عبد الله بن شداد، قال: وقعت رؤيا يوسف بعد أربعين سنة، وإلـيها تنتهي أيضاً الرؤيا.

قال: ثنا معاذ بن معاذ، قال: ثنا سلـيـمان التـيـميّ، عن أبـي عثمان، عن سلـمان، قال: كان بـين رؤيا يوسف وبـين أن رأى تأويـلها أربعون سنة.

قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سلـيـمان التـيـميّ، عن أبـي عثمان، عن سلـمان، قال: كان بـين رؤيا يوسف وبـين عبـارتها أربعون سنة.

قال: حدثنا سعيد بن سلـيـمان، قال: ثنا هشيـم، عن سلـيـمان التيميّ، عن أبـي عثمان، عن سلـمان، قال: كان بـين رؤيا يوسف وبـين أن رأى تأويـلها أربعون سنة.

قال: ثنا عمرو بن مـحمد العنقزيّ، قال: ثنا إسرائيـل، عن أبـي سنان، عن عبد الله بن شدّاد، قال: كان بـين رؤيا يوسف وبـين تعبـيرها أربعون سنة.

وقال آخرون: كانت مدة ذلك ثمانـين سنة. ذكر من قال ذلك:

حدثنا عمرو بن علـيّ، قال: ثنا عبد الوهاب الثقـفـي، قال: ثنا هشام، عن الـحسن، قال: كان منذ فـارق يوسف يعقوب إلـى أن التقـيا ثمانون سنة لـم يفـارق الـحزن قلبه، ودموعه تـجري علـى خدّيه، وما علـى وجه الأرض يومئذٍ عبد أحبّ إلـى الله من يعقوب.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن أبـي جعفر جسر بن فَرْقَد، قال: كان بـين أن فقد يعقوب يوسف إلـى يومَ رُدّ علـيه ثمانون سنة.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حسن بن علـيّ، عن فضيـل بن عياض، قال: سمعت أنه كان بـين فراق يوسف حجر يعقوب إلـى أن التقـيا ثمانون سنة.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا داود بن مهران، قال: ثنا عبد الواحد بن زياد، عن يونس، عن الـحسن، قال: أُلقـي يوسف فـي الـجبّ وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان بـين ذلك وبـين لقائه يعقوب ثمانون سنة، وعاش بعد ذلك ثلاثاً وعشرين سنة، ومات وهو ابن عشرين ومئة سنة.

قال: ثنا سعيد بن سلـيـمان، قال: ثنا هشيـم، عن يونس، عن الـحسن، نـحوه، غير أنه قال: ثلاث وثمانون سنة.

قال: ثنا داود بن مهران، قال: ثنا ابن عُلَـية، عن يونس، عن الـحسن، قال: ألقـي يوسف فـي الـجبّ وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان فـي العبودية وفـي السجن وفـي الـملك ثمانـين سنة، ثم جمع الله عزّ وجلّ شمله وعاش بعد ذلك ثلاثاً وعشرين سنة.

حدثنـي الـحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا مبـارك بن فضالة، عن الـحسن، قال: أُلقـي يوسف فـي الـجبّ وهو ابن سبع عشرة، فغاب عن أبـيه ثمانـين سنة، ثم عاش بعدما جمع الله له شمله، ورأى تأويـل رؤياه ثلاثاً وعشرين سنة، فمات وهو ابن عشرين ومئة سنة.

حدثنا مـجاهد، قال: ثنا يزيد، قال: أخبرنا هشيـم، عن الـحسن، قال: غاب يوسف عن أبـيه فـي الـجبّ وفـي السجن حتـى التقـيا ثمانـين عاماً، فما جفت عينا يعقوب، وما علـى الأرض أحد أكرم علـى الله من يعقوب.

وقال آخرون: كانت مدة ذلك ثمان عشرة سنة. ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن حُميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: ذُكر لـي والله أعلـم أن غيبة يوسف عن يعقوب كانت ثمان عشرة سنة، قال: وأهل الكتاب يزعمون أنها كانت أربعين سنة أو نـحوها، وأن يعقوب بقـي مع يوسف بعد أن قدم علـيه مصر سبع عشرة سنة، ثم قبضه الله إلـيه.

وقوله: { وَقَدْ أحْسَنَ بِـي إذْ أخْرَجَنِـي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ البَدْوِ } يقول جلّ ثناؤه مخبراً عن قـيـل يوسف: وقد أحسن الله بـي فـي إخراجه إياي من السجن الذي كنت فـيه مـحبوساً، وفـي مـجيئه بكم من البدو. وذلك أن مسكن يعقوب وولده فـيـما ذُكر كان ببـادية فِلَسْطين كذلك.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: كان منزل يعقوب وولده فـيـما ذَكر لـي بعض أهل العلـم بـالعَرَبـات من أرض فلسطين ثغور الشام، وبعض يقول بـالأولاج من ناحية الشعب، وكان صاحبَ بـادية له إبل وشاء.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو، قال: أخبرنا شيخ لنا أن يعقوب كان ببـادية فلسطين.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { وَقَدْ أحْسَنَ بِـي إذْ أخْرَجَنِـي مِنَ السِّجْنِ وَجاءَ بِكُمْ مِنَ البَدْوِ } وكان يعقوب وبنوه أرض كنعان أهل مواش وبرية.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج: { وَجاء بِكُمْ مِنَ البَدوِ } وقال: كانوا أهل بـادية وماشية.

والبدو مصدر من قول القائل: بدا فلان: إذا صار بـالبـادية يبدو بدواً. وذُكر أن يعقوب دخـل مصر هو ومن معه من أولاده وأهالـيهم وأبنائهم يوم دخـلوها وهم أقلّ من مئة، وخرجوا منها يوم خرجوا منها وهم زيادة علـى ستّ مئة ألف. ذكر الرواية بذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا زيد بن الـحبـاب وعمرو بن مـحمد، عن موسى بن عبـيدة، عن مـحمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن شدّاد، قال: اجتـمع آل يعقوب إلـى يوسف بـمصر وهم ستة وثمانون إنساناً، صغيرهم وكبـيرهم وذكرهم وأنثاهم، وخرجوا من مصر يوم أخرجهم فرعون وهم ستّ مئة ألف ونـيف.

قال: ثنا عمرو، عن إسرائيـل، عن أبـي إسحاق، عن أبـي عبـيدة، عن عبد الله، قال: خرج أهل يوسف من مصر وهم ستّ مئة ألف وسبعون ألفـا، فقال فرعون: إن هؤلاء لشرذمة قلـيـلون.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن إسرائيـل والـمسعودي، عن أبـي إسحاق، عن أبـي عبـيدة، عن ابن مسعود، قال: دخـل بنو إسرائيـل مصر وهم ثلاث وستون إنساناً، وخرجوا منها وهم ستّ مئة ألف. قال إسرائيـل فـي حديثه. ستّ مئة ألف وسبعون ألفـاً.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو، عن إسرائيـل، عن أبـي إسحاق، عن مسروق، قال: دخـل أهل يوسف مصر وهم ثلاث مئة وتسعون من بـين رجل وامرأة.

وقوله: { مِنْ بَعْدِ أنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَـيْنِـي وبـينَ إخْوَتـي } يعنـي: من بعد أن أفسد ما بـينـي وبـينهم وجهل بعضنا علـى بعض، يقال منه: نَزَغَ الشيطان بـين فلان وفلان، يَنْزَغُ نَزْغاً ونُزُوغاً.

وقوله: { إنَّ رَبّـي لَطِيفٌ لَـما يَشاءُ } يقول: إن ربـي ذو لطف وصنع لـما يشاء، ومن لطفه وصنعه أنه أخرجنـي من السجن وجاء بأهلـي من البدو بعد الذي كان بـينـي وبـينهم من بُعد الدار وبعد ما كنت فـيه من العبودة والرقّ والإسار. كالذي:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إنَّ رَبّـي لَطِيفٌ لِـمَا يَشاءُ } لطف بـيوسف وصنع له حتـى أخرجه من السجن، وجاء بأهله من البدو، ونزع من قلبه نزغ الشيطان وتـحريشه علـى إخوته.

وقوله: { إنَّهُ هُوَ العَلِـيـمُ } بـمصالـح خـلقه، وغير ذلك لا يخفـى علـيه مبـادىء الأمور وعواقبها. { الـحَكيـمُ } فـي تدبـيره.