خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلاۤ أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَٱلْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ
٢٤
-يوسف

جامع البيان في تفسير القرآن

ذُكر أن امرأة العزيز لـما همّت بـيوسف وأرادت مراودته، جعلت تذكر له مـحاسن نفسه، وتشوّقه إلـى نفسها. كما:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن مـحمد، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بهِ وَهَمَّ } بِها قال: قالت له: يا يوسف ما أحسن شعرك قال: هو أوّل ما ينتثر من جسدي. قالت: يا يوسف ما أحسن وجهك قال: هو للتراب يأكله. فلـم تزل حتـى أطمعته، فهمت به وهمّ بها. فدخلا البـيت، وغلقت الأبواب، وذهب لـيحلّ سراويـله، فإذا هو بصورة يعقوب قائماً فـي البـيت قد عضّ علـى أصبعه يقول: يا يوسف تواقعها فإنـما مَثَلُكَ ما لـم تواقعها مثل الطير فـي جوّ السماء لا يطاق، ومثلك إذا واقعتها مثلَه إذا مات ووقع إلـى الأرض لا يستطيع أن يدفع عن نفسه ومثلك ما لـم تواقعها مثل الثور الصعب الذي لا يُعمل علـيه، ومثلك إن واقعتها مثل الثور حين يـموت فـيدخـل النـمل فـي أصل قرنـيه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه. فربط سراويـله، وذهب لـيخرج يشتدّ، فأدركْته، فأخذت بـمؤخر قميصه من خـلفه، فخرقته حتـى أخرجته منه، وسقط، وطرحه يوسف، واشتدّ نـحو البـاب.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: أكبت علـيه يعنـي الـمرأة تطمعه مرّة وتـخيفه أخرى، وتدعوه إلـى لذّة من حاجة الرجال فـي جمالها وحسنها ومُلكها، وهو شاب مستقبل يجد من شبق الرجال ما يجد الرجل حتـى رقّ لها مـما يرى من كلفها به، ولـم يتـخوّف منها حتـى همّ بها وهمت به، حتـى خَـلَوَا فـي بعض بـيوته.

ومعنى الهمّ بـالشيء فـي كلام العرب: حديث الـمرء نفسه بـمواقعته، ما لـم يواقع.

فأما ما كان من همّ يوسف بـالـمرأة وهمها به، فإن أهل العلـم قالوا فـي ذلك ما أنا ذاكره، وذلك ما:

حدثنا أبو كريب وسفـيان بن وكيع، وسهل بن موسى الرازي، قالوا: ثنا ابن عيـينة، عن عثمان بن أبـي سلـيـمان، عن ابن أبـي ملـيكة، عن ابن عبـاس، سئل عن همّ يوسف ما بلغ؟ قال: حلّ الهِمْيان، وجلس منها مـجلس الـخاتن. لفظ الـحديث لأبـي كُريب.

حدثنا أبو كريب، وابن وكيع، قالا: ثنا ابن عيـينة، قال: سمع عبـيد الله بن أبـي يزيد ابن عبـاس فـي: { وَلَقَدْ همَّتْ بِه وَهَمَّ بِهَا } قال: جلس منها مـجلس الـخاتن، وحلّ الهِمْيان.

حدثنا زياد بن عبد الله الـحسانـي، وعمرو بن علـيّ، والـحسن بن مـحمد، قالوا: ثنا سفـيان بن عيـينة، عن عبد الله بن أبـي يزيد، قال: سمعت ابن عبـاس سئل: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: حلّ الهميان، وجلس منها مـجلس الـخاتن.

حدثنـي زياد بن عبد الله، قال: ثنا مـحمد بن أبـي عديّ، عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة، قال: سألت ابن عبـاس: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت له، وجلس بـين رجلـيها.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن يـمان، عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: استلقت له، وحلّ ثـيابه.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا قبـيصة بن عقبة، قال: ثنا سفـيان، عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة، عن ابن عبـاس: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } ما بلغ؟ قال: استلقت له وجلس بـين رجلـيها، وحلّ ثـيابه، أو ثـيابها.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة، قال: سألت ابن عبـاس: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت علـى قـفـاها، وقعد بـين رجلـيها لـينزع ثـيابه.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن نافع، عن ابن عمر، عن ابن أبـي ملـيكة، قال: سئل ابن عبـاس، عن قوله: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: حلّ الهِيـمان، يعنـي السراويـل.

حدثنا أبو كريب وابن وكيع، قالا: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت الأعمش، عن مـجاهد، فـي قوله: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: حلّ السراويـل حتـى التّبـان، واستلقت له.

حدثنا زياد بن عبد الله الحساني، قال: ثنا مالك بن سعير، قال: ثنا الأعمش، عن مـجاهد، فـي قوله: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: حلّ سراويـله، حتـى وقع علـى التُّبـان.

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: جلس منها مـجلس الرجل من امرأته.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، قال: ثنـي القاسم بن أبـي بزة: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: أما هَمّها به، فـاستلقت له، وأما همه بها: فإنه قعد بـين رجلـيها ونزع ثـيابه.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنـي حجاج بن مـحمد، عن ابن جريج، قال: أخبرنـي عبد الله بن أبـي ملـيكة، قال: قلت لابن عبـاس: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت له، وجلس بـين رجلـيها ينزع ثـيابه.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحمانـي، قال: ثنا يحيى بن الـيـمان، عن سفـيان، عن علـيّ بن بذيـمة، عن سعيد بن جبـير وعكرمة، قالا: حلّ السراويـل، وجلس منها مـجلس الـخاتن.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن مـحمد العنقزي، عن شريك، عن جابر، عن مـجاهد: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: استلقت، وحلّ ثـيابه حتـى بلغ التبـان.

حدثنـي الـحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا قـيس، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: أطلق تكة سراويـله.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيـينة، عن عثمان بن أبـي سلـيـمان، عن ابن أبـي ملكية، قال: شهدت ابن عبـاس سئل عن همّ يوسف ما بلغ؟ قال: حلّ الهميان، وجلس منها مـجلس الـخاتن.

فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يوصف يوسف بـمثل هذا وهو لله نبـيّ؟ قـيـل: إن أهل العلـم اختلفوا فـي ذلك، فقال بعضهم: كان مـمن ابتلـي من الأنبـياء بخطيئة، فإنـما ابتلاه الله بها لـيكون من الله عزّ وجلّ علـى وَجَل إذا ذكرها، فـيجدّ فـي طاعته إشفـاقا منها، ولا يتكل علـى سعة عفو الله ورحمته.

وقال آخرون: بل ابتلاهم الله بذلك لـيعرّفهم موضع نعمته علـيهم، بصفحة عنهم وتركه عقوبته علـيه فـي الآخرة.

وقال آخرون: بل ابتلاهم بذلك لـيجعلهم أئمة لأهل الذنوب فـي رجاء رحمة الله، وترك الإياس من عفوه عنه إذا تابوا.

وأما آخرون مـمن خالف أقوال السلف وتأوّلوا القرآن بآرائهم، فأنهم قالوا فـي ذلك أقوالاً مختلفة، فقال بعضهم: معناه: ولقد همت الـمرأة بـيوسف، وهمّ بها يوسف أن يضربها أو ينالها بـمكروه لهمها به مـما أرادته من الـمكروه، لولا أن يوسف رأى برهان ربه، وكفه ذلك عما همّ به من أذاها، لا أنها ارتدعت من قِبلَ نفسها. قالوا: والشاهد علـى صحة ذلك قوله: { كذلكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ والفَحْشاءَ } قالوا: فـالسوء: هو ما كان همّ به من أذاها، وهو غير الفحشاء.

وقال آخرون منهم: معنى الكلام: ولقد همت به. فتناهى الـخبر عنها، ثم ابتدىء الـخبر عن يوسف، فقـيـل: وهمّ بها يوسف، لولا أن أرى برهان ربه. كأنهم وجهوا معنى الكلام إلـى أن يوسف لـم يهمّ بها، وأن الله إنـما أخبر أن يوسف لولا رؤيته برهان ربه لهمّ بها، ولكنه رأى برهان ربه فلـم يهمّ بها، كما قـيـل: { { وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَـيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُـمُ الشَّيْطانَ إلاَّ قَلـيلاً } }. ويفسد هذين القولـين أن العرب لا تقدم جواب «لولا» قبلها، لا تقول: لقد قمت لولا زيد، وهي تريد: لولا زيد لقد قمت، هذا مع خلافهما جميع أهل العلـم بتأويـل القرآن الذين عنهم يؤخذ تأويـله.

وقال آخرون منهم: بل قد همّت الـمرأة بـيوسف وهمّ يوسف بـالـمرأة، غير أن همهما كان تـمثـيلاً منهما بـين الفعل والترك، لا عزما ولا إرادة قالوا: ولا حرج فـي حديث النفس ولا فـي ذكر القلب إذا لـم يكن معهما عزم ولا فعل. وأما البرهان الذي رآه يوسف فترك من أجله مواقعة الـخطيئة، فإن أهل العلـم مختلفون فـيه، فقال بعضهم: نودي بـالنهي عن مواقعة الـخطيئة. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عيـينة، عن عثمان بن أبـي سلـيـمان، عن ابن أبـي ملكية، عن ابن عبـاس: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: نودي: يا يوسف أتزنـي، فتكون كالطير وقع ريشه فذهب يطير فلا ريش له.

قال: ثنا ابن عيـينة، عن عثمان بن أبـي سلـيـمان، عن ابن أبـي ملكية، عن ابن عبـاس، قال: لـم يتعظ علـى النداء حتـى رأى برهان ربه، قال: تـمثال صورة وجه أبـيه قال سفـيان: عاضًّا علـى أصبعه فقال: يا يوسف تزنـي، فتكون كالطير ذهب ريشة؟.

حدثنـي زياد بن عبد الله الـحسانـي، قال: ثنـي مـحمد بن أبـي عديّ، عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة، قال: قال ابن عبـاس: نودي: يا ابن يعقوب لا تكن كالطائر له ريش، فإذا زنى ذهب ريشه أو قعدَ لا ريش له قال: فلـم يتعظ علـى النداء، فلـم يزد علـى هذا، قال ابن جريج: وحدثنـي غير واحد، أنه رأى أبـاه عاضًّا علـى أصبعه.

حدثنـي أبو كريب، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا أبـي، عن نافع عن ابن عمر، عن ابن أبـي ملكية، قال: قال ابن عبـاس: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: نودي فلـم يسمع، فقـيـل له: يا ابن يعقوب تريد أن تزنـي. فتكون كالطير نُتِف فلا ريش له؟

حدثنا ابن حميد. قال: ثنا سلـمة، عن طلـحة، عن عمرو الـحضرميّ، عن ابن أبـي ملـيكة، قال: بلغنـي أن يوسف لـما جلس بـين رجلـي الـمرأة فهو يحلّ هميانه. نودي: يا يوسف بن يعقوب لا تزن، فإن الطير إذا زنى تناثر ريشه فأعرض. ثم نودي فأعرض. فتـمثل له يعقوب عاضًّا علـى أصبعه، فقام.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا قبـيصة بن عقبة، قال: ثنا سفـيان، عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة، عن ابن عبـاس، قال: نودي: يا ابن يعقوب لا تكن كالطير إذا زنى ذهب ريشه وبقـي لا ريش له فلـم يتعظ علـى النداء، ففزع.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا حجاج بن مـحمد، عن ابن جريج، قال: أخبرنـي عبد الله بن أبـي ملكية، قال: قال ابن عبـاس: نودي: يا ابن يعقوب لا تكوننّ كالطائر له ريش، فإذا زنى ذهب ريشه قال: أو قعد لا ريش له فلـم يتعظ علـى النداء شيئاً، حتـى رأى برهان ربه، ففَرِق ففرّ.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيـينة، عن عثمان بن أبـي سليمان، عن ابن أبـي ملـيكة، قال: قال ابن عبـاس: نودي: يا ابن يعقوب أتزنـي فتكون كالطير وقع ريشه فذهب يطير فلا ريش له؟

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي نافع بن يزيد، عن همام بن يحيى، عن قتادة قال: نودي يوسف فقـيـل: أنت مكتوب فـي الأنبـياء تعمل عمل السفهاء

حدثنا ابن وكيع، قال: يحيى بن يـمان. عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملكية، قال: نودي: يوسف بن يعقوب تزنـي، فتكون كالطير نتف فلا ريش له؟

وقال آخرون: البرهان الذي رأى يوسف فكفّ عن مواقعة الـخطيئة من أجله صورة يعقوب علـيهما السلام يتوعدَّه. ذكر من قال ذلك:

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا عمرو بن مـحمد العَنْقزيّ، قال: أخبرنا إسرائيـل، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى صورة أو تـمثال وجه يعقوب عاضًّا علـى أصبعه، فخرجت شهوته من أنامله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن العَنْقزي، عن إسرائيـل، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: مثل له يعقوب،فضرب فـي صدره، فخرجت شهوته من أنامله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا مـحمد بن بشر، عن مسعر، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى تـمثال وجه أبـيه قائلاً بكفه، هكذا وبسط كفه، فخرجت شهوته من أنامله.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن سفـيان، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: مُثِّل له يعقوب عاضًّا علـى أصابعه، فضرب صدره، فخرجت شهوته من أنامله.

حدثنا يونس بن عبد الأعلـى، قال: ثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرنـي ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة، عن ابن عبـاس، فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى صورة يعقوب واضعا أنـملته علـى فـيه يتوعده، ففرّ.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا يحيى بن عبـاد، قال: ثنا جرير بن حازم، قال سمعت عبد الله بن أبـي ملـيكة يحدّث، عن ابن عبـاس، فـي قوله: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ } بِها قال: حين رأى يعقوب فـي سقـف البـيت، قال: فنزعت شهوته التـي كان يجدها حتـى خرج يسعى إلـى بـاب البـيت، فتبعته الـمرأة.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع. وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن قرة بن خالد السدوسي، عن الـحسن، قال: زعموا والله أعلـم أن سقـف البـيت انفرج، فرأى يعقوب عاضًّا علـى أصابعه.

حدثنـي يعقوب، قال: ثنا ابن علـية، عن يونس، عن الـحسن، فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى تـمثال يعقوب عاضًّا علـى أصبعه يقول: يوسف، يوسف

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن علـية، عن يونس، عن الـحسن، نـحوه.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا عمرو العنقزي، قال: أخبرنا سفـيان الثوري، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى تـمثال وجه يعقوب، فخرجت شهوته من أنامله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن يـمان، عن سفـيان، عن علـيّ بن بذيـمة، عن سعيد بن جبـير، قال: رأى صورة فـيها وجه يعقوب عاضًّا علـى أصابعه، فدفع فـي صدره، فخرجت شهوته من أنامله. فكلّ ولد يعقوب ولد له اثنا عشر رجلاً إلا يوسف، فإنه نقص بتلك الشهوة ولـم يولد له غير أحد عشر.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي يونس بن زيد، عن ابن شهاب، أن حميد بن عبد الرحمن أخبره: أن البرهان الذي رأى يوسف يعقوب.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا عيسى بن الـمنذر، قال: ثنا أيوب بن سويد، قال: ثنا يونس بن يزيد الإيـلـي، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، مثله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مـجاهد: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: مثل له يعقوب.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مـجاهد، مثله.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: يعقوب.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا شبـابة، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: مثل له يعقوب.

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد أنه قال: جلس منها مـجلس الرجل من امرأته حتـى رأى صورة يعقوب فـي الـجدار.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مـجاهد، فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: مُثِّل له يعقوب.

حدثني الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن القاسم بن أبـي بزة، قال: نودي: يا ابن يعقوب، لا تكوننّ كالطير له ريش فإذا زنى قعد لـيس له ريش فلـم يعرض للنداء وقعد، فرفع رأسه، فرأى وجه يعقوب عاضًّا علـى أصبعه، فقام مرعوبـاً استـحياء من الله تعالـى ذكره. فذلك قول الله سبحانه وتعالـى: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } وجه يعقوب.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن النضر بن عربـي، عن عكرمة، قال: مثل له يعقوب عاضًّا علـى أصابعه.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن نضر بن عربـيّ، عن عكرمة، مثله.

حدثنـي الـحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا قـيس، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير، قال: مثل له يعقوب، فدفع فـي صدره، فخرجت شهوته من أنامله.

قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا سفـيان، عن علـيّ بن بذيـمة، قال: كان يولد لكلّ رجل منهم اثنا عشر ابنا إلا يوسف، ولد له أحد عشر من أجل ما خرج من شهوته.

حدثني يونس، قال: أخبرنا: ابن وهب، قال: قال أبو شريح: سمعت عبـيد الله بن أبـي جعفر يقول: بلغ من شهوة يوسف أن خرجت من بنانه.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يعلـي بن عبيد، عن مـحمد الخراسانيّ، قال: سألت مـحمد بن سيرين، عن قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: مثل له يعقوب عاضًّا علـى أصابعه يقول: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيـم خـلـيـل الله، اسمك فـي الأنبـياء وتعمل عمل السفهاء؟

حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا يزيد بن زريع، عن يونس، عن الحسن، فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى يعقوب عاضًّا علـى أصبعه يقول: يوسف

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، قال: قال قتادة: رأى صورة يعقوب، فقال: يا يوسف تعمل عمل الفجار، وأنت مكتوب فـي الأنبـياء؟ فـاستـحيا منه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } رأى آية من آيات ربه، حجزه الله بها عن معصيته ذُكر لنا أنه مُثِّلَ له يعقوب حتـى كلـمه، فعصمه الله ونزع كلّ شهوة كانت فـي مفـاصله.

قال: ثنا سعيد عن قتادة، عن الـحسن: أنه مثل له يعقوب وهو عاضّ علـى أصبع من أصابعه.

حدثنـي يعقوب، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا إسماعيـل بن أبـي سالـم، عن أبـي صالـح، قال: رأى صورة يعقوب فـي سقـف البـيت عاضًّا علـى إصبعه يقول: يا يوسف يعنـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه }.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن منصور ويونس عن الـحسن، فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى صورة يعقوب فـي سقـف البـيت عاضًّا علـى أصبعه.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن إسماعيـل بن أبـي سالـم، عن أبـي صالـح مثله، وقال عاضًّا علـى أصبعه يقول: يوسف، يوسف

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب القمى، عن حفص بن حميد، عن شمر بن عطية، قال: نظر يوسف إلـى صورة يعقوب عاضًّا علـى أصبعه يقول: يا يوسف فذاك حيث كفّ، وقام فـاندفع.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحمانـي، قال: ثنا شريك، عن سالـم وأبـي حصين، عن سعيد بن جبـير: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى صورة فـيها وجه يعقوب عاضًّا علـى أصابعه، فدفع فـي صدره فخرجت شهوته من بـين أنامله.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو نعيـم، قال: ثنا مسعر، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى تـمثال وجه أبـيه، فخرجت الشهوة من أنامله.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا يحيى بن عبـاد، قال: ثنا أبو عوانة، عن إسماعيـل بن سالـم، عن أبـي صالـح: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: تـمثال صورة يعقوب فـي سقـف البـيت.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا جعفر بن سلـيـمان، عن يونس بن عبـيد، عن الـحسن، قال: رأى يعقوب عاضًّا علـى يده.

قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوريّ، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير، فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: يعقوب ضرب بـيده علـى صدره، فخرجت شهوته من أنامله.

حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ قال: أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } آية من ربه يزعمون أنه مثل له يعقوب، فـاستـحيا منه.

وقال آخرون: بل البرهان الذي رأى يوسف ما أوعد الله عزّ وجلّ علـى الزنا أهله.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن مـحمد، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بهِ وَهَمَّ بِها } قال: قالت له: يا يوسف ما أحسن شعرك قال: هو أوّل ما ينتثر من جسدي. قالت: يا يوسف ما أحسن وجهك قال: هو للتراب يأكله. فلـم تزل حتـى أطمعته، فهمت به وهمّ بها. فدخلا البـيت، وغلقت الأبواب، وذهب لـيحلّ سراويـله، فإذا هو بصورة يعقوب قائماً فـي البـيت قد عضّ علـى أصبعه يقول: يا يوسف تواقعها فإنـما مَثَلُكَ ما لـم تواقعها مثل الطير فـي جوّ السماء لا يطاق، ومثلك إذا واقعتها مثلَه إذا مات ووقع إلـى الأرض لا يستطيع أن يدفع عن نفسه ومثلك ما لـم تواقعها مثل الثور الصعب الذي لا يُعمل علـيه، ومثلك إن واقعتها مثل الثور حين يـموت فـيدخـل النـمل فـي أصل قرنـيه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه. فربط سراويـله، وذهب لـيخرج يشتدّ، فأدركْته، فأخذت بـمؤخر قميصه من خـلفه، فخرقته حتـى أخرجته منه، وسقط، وطرحه يوسف، واشتدّ نـحو البـاب.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: أكبت علـيه يعنـي الـمرأة تطمعه مرّة وتـخيفه أخرى، وتدعوه إلـى لذّة من حاجة الرجال فـي جمالها وحسنها ومُلكها، وهو شاب مستقبل يجد من شبق الرجال ما يجد الرجل حتـى رقّ لها مـما يرى من كلفها به، ولـم يتـخوّف منها حتـى همّ بها وهمت به، حتـى خَـلَوَا فـي بعض بـيوته.

ومعنى الهمّ بـالشيء فـي كلام العرب: حديث الـمرء نفسه بـمواقعته، ما لـم يواقع.

فأما ما كان من همّ يوسف بـالـمرأة وهمها به، فإن أهل العلـم قالوا فـي ذلك ما أنا ذاكره، وذلك ما:

حدثنا أبو كريب وسفـيان بن وكيع، وسهل بن موسى الرازي، قالوا: ثنا ابن عيـينة، عن عثمان بن أبـي سلـيـمان، عن ابن أبـي ملـيكة، عن ابن عبـاس، سئل عن همّ يوسف ما بلغ؟ قال: حلّ الهِمْيان، وجلس منها مـجلس الـخاتن. لفظ الـحديث لأبـي كُريب.

حدثنا أبو كريب، وابن وكيع، قالا: ثنا ابن عيـينة، قال: سمع عبـيد الله بن أبـي يزيد ابن عبـاس فـي: { وَلَقَدْ همَّتْ بِه وَهَمَّ بِهَا } قال: جلس منها مـجلس الـخاتن، وحلّ الهِمْيان.

حدثنا زياد بن عبد الله الـحسانـي، وعمرو بن علـيّ، والـحسن بن مـحمد، قالوا: ثنا سفـيان بن عيـينة، عن عبد الله بن أبـي يزيد، قال: سمعت ابن عبـاس سئل: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: حلّ الهميان، وجلس منها مـجلس الـخاتن.

حدثنـي زياد بن عبد الله، قال: ثنا مـحمد بن أبـي عديّ، عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة، قال: سألت ابن عبـاس: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت له، وجلس بـين رجلـيها.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن يـمان، عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: استلقت له، وحلّ ثـيابه.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا قبـيصة بن عقبة، قال: ثنا سفـيان، عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة، عن ابن عبـاس: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } ما بلغ؟ قال: استلقت له وجلس بـين رجلـيها، وحلّ ثـيابه، أو ثـيابها.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة، قال: سألت ابن عبـاس: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت علـى قـفـاها، وقعد بـين رجلـيها لـينزع ثـيابه.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن نافع، عن ابن عمر، عن ابن أبـي ملـيكة، قال: سئل ابن عبـاس، عن قوله: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: حلّ الهِيـمان، يعنـي السراويـل.

حدثنا أبو كريب وابن وكيع، قالا: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت الأعمش، عن مـجاهد، فـي قوله: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: حلّ السراويـل حتـى التّبـان، واستلقت له.

حدثنا زياد بن عبد الله الحساني، قال: ثنا مالك بن سعير، قال: ثنا الأعمش، عن مـجاهد، فـي قوله: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: حلّ سراويـله، حتـى وقع علـى التُّبـان.

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: جلس منها مـجلس الرجل من امرأته.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، قال: ثنـي القاسم بن أبـي بزة: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: أما هَمّها به، فـاستلقت له، وأما همه بها: فإنه قعد بـين رجلـيها ونزع ثـيابه.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنـي حجاج بن مـحمد، عن ابن جريج، قال: أخبرنـي عبد الله بن أبـي ملـيكة، قال: قلت لابن عبـاس: ما بلغ من همّ يوسف؟ قال: استلقت له، وجلس بـين رجلـيها ينزع ثـيابه.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحمانـي، قال: ثنا يحيى بن الـيـمان، عن سفـيان، عن علـيّ بن بذيـمة، عن سعيد بن جبـير وعكرمة، قالا: حلّ السراويـل، وجلس منها مـجلس الـخاتن.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن مـحمد العنقزي، عن شريك، عن جابر، عن مـجاهد: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: استلقت، وحلّ ثـيابه حتـى بلغ التبـان.

حدثنـي الـحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا قـيس، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: أطلق تكة سراويـله.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيـينة، عن عثمان بن أبـي سلـيـمان، عن ابن أبـي ملكية، قال: شهدت ابن عبـاس سئل عن همّ يوسف ما بلغ؟ قال: حلّ الهميان، وجلس منها مـجلس الـخاتن.

فإن قال قائل: وكيف يجوز أن يوصف يوسف بـمثل هذا وهو لله نبـيّ؟ قـيـل: إن أهل العلـم اختلفوا فـي ذلك، فقال بعضهم: كان مـمن ابتلـي من الأنبـياء بخطيئة، فإنـما ابتلاه الله بها لـيكون من الله عزّ وجلّ علـى وَجَل إذا ذكرها، فـيجدّ فـي طاعته إشفـاقاً منها، ولا يتكل علـى سعة عفو الله ورحمته.

وقال آخرون: بل ابتلاهم الله بذلك لـيعرّفهم موضع نعمته علـيهم، بصفحة عنهم وتركه عقوبته علـيه فـي الآخرة.

وقال آخرون: بل ابتلاهم بذلك لـيجعلهم أئمة لأهل الذنوب فـي رجاء رحمة الله، وترك الإياس من عفوه عنه إذا تابوا.

وأما آخرون مـمن خالف أقوال السلف وتأوّلوا القرآن بآرائهم، فأنهم قالوا فـي ذلك أقوالاً مختلفة، فقال بعضهم: معناه: ولقد همت الـمرأة بـيوسف، وهمّ بها يوسف أن يضربها أو ينالها بـمكروه لهمها به مـما أرادته من الـمكروه، لولا أن يوسف رأى برهان ربه، وكفه ذلك عما همّ به من أذاها، لا أنها ارتدعت من قِبلَ نفسها. قالوا: والشاهد علـى صحة ذلك قوله: { كذلكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ والفَحْشاءَ } قالوا: فـالسوء: هو ما كان همّ به من أذاها، وهو غير الفحشاء.

وقال آخرون منهم: معنى الكلام: ولقد همت به. فتناهى الـخبر عنها، ثم ابتدىء الـخبر عن يوسف، فقـيـل: وهمّ بها يوسف، لولا أن أرى برهان ربه. كأنهم وجهوا معنى الكلام إلـى أن يوسف لـم يهمّ بها، وأن الله إنـما أخبر أن يوسف لولا رؤيته برهان ربه لهمّ بها، ولكنه رأى برهان ربه فلـم يهمّ بها، كما قـيـل: { { وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَـيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُـمُ الشَّيْطانَ إلاَّ قَلـيلاً } }. ويفسد هذين القولـين أن العرب لا تقدم جواب «لولا» قبلها، لا تقول: لقد قمت لولا زيد، وهي تريد: لولا زيد لقد قمت، هذا مع خلافهما جميع أهل العلـم بتأويـل القرآن الذين عنهم يؤخذ تأويـله.

وقال آخرون منهم: بل قد همّت الـمرأة بـيوسف وهمّ يوسف بـالـمرأة، غير أن همهما كان تـمثـيلاً منهما بـين الفعل والترك، لا عزما ولا إرادة قالوا: ولا حرج فـي حديث النفس ولا فـي ذكر القلب إذا لـم يكن معهما عزم ولا فعل. وأما البرهان الذي رآه يوسف فترك من أجله مواقعة الـخطيئة، فإن أهل العلـم مختلفون فـيه، فقال بعضهم: نودي بـالنهي عن مواقعة الـخطيئة. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عيـينة، عن عثمان بن أبـي سلـيـمان، عن ابن أبـي ملكية، عن ابن عبـاس: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: نودي: يا يوسف أتزنـي، فتكون كالطير وقع ريشه فذهب يطير فلا ريش له.

قال: ثنا ابن عيـينة، عن عثمان بن أبـي سلـيـمان، عن ابن أبـي ملكية، عن ابن عبـاس، قال: لـم يتعظ علـى النداء حتـى رأى برهان ربه، قال: تـمثال صورة وجه أبـيه قال سفـيان: عاضًّا علـى أصبعه فقال: يا يوسف تزنـي، فتكون كالطير ذهب ريشة؟.

حدثنـي زياد بن عبد الله الـحسانـي، قال: ثنـي مـحمد بن أبـي عديّ، عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة، قال: قال ابن عبـاس: نودي: يا ابن يعقوب لا تكن كالطائر له ريش، فإذا زنى ذهب ريشه أو قعدَ لا ريش له قال: فلـم يتعظ علـى النداء، فلـم يزد علـى هذا، قال ابن جريج: وحدثنـي غير واحد، أنه رأى أبـاه عاضًّا علـى أصبعه.

حدثنـي أبو كريب، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا أبـي، عن نافع عن ابن عمر، عن ابن أبـي ملكية، قال: قال ابن عبـاس: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: نودي فلـم يسمع، فقـيـل له: يا ابن يعقوب تريد أن تزنـي. فتكون كالطير نُتِف فلا ريش له؟

حدثنا ابن حميد. قال: ثنا سلـمة، عن طلـحة، عن عمرو الـحضرميّ، عن ابن أبـي ملـيكة، قال: بلغنـي أن يوسف لـما جلس بـين رجلـي الـمرأة فهو يحلّ هميانه. نودي: يا يوسف بن يعقوب لا تزن، فإن الطير إذا زنى تناثر ريشه فأعرض. ثم نودي فأعرض. فتـمثل له يعقوب عاضًّا علـى أصبعه، فقام.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا قبـيصة بن عقبة، قال: ثنا سفـيان، عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة، عن ابن عبـاس، قال: نودي: يا ابن يعقوب لا تكن كالطير إذا زنى ذهب ريشه وبقـي لا ريش له فلـم يتعظ علـى النداء، ففزع.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا حجاج بن مـحمد، عن ابن جريج، قال: أخبرنـي عبد الله بن أبـي ملكية، قال: قال ابن عبـاس: نودي: يا ابن يعقوب لا تكوننّ كالطائر له ريش، فإذا زنى ذهب ريشه قال: أو قعد لا ريش له فلـم يتعظ علـى النداء شيئاً، حتـى رأى برهان ربه، ففَرِق ففرّ.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيـينة، عن عثمان بن أبـي سليمان، عن ابن أبـي ملـيكة، قال: قال ابن عبـاس: نودي: يا ابن يعقوب أتزنـي فتكون كالطير وقع ريشه فذهب يطير فلا ريش له؟

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي نافع بن يزيد، عن همام بن يحيى، عن قتادة قال: نودي يوسف فقـيـل: أنت مكتوب فـي الأنبـياء تعمل عمل السفهاء

حدثنا ابن وكيع، قال: يحيى بن يـمان. عن ابن جريج، عن ابن أبـي ملكية، قال: نودي: يوسف بن يعقوب تزنـي، فتكون كالطير نتف فلا ريش له؟

وقال آخرون: البرهان الذي رأى يوسف فكفّ عن مواقعة الـخطيئة من أجله صورة يعقوب علـيهما السلام يتوعدَّه. ذكر من قال ذلك:

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا عمرو بن مـحمد العَنْقزيّ، قال: أخبرنا إسرائيـل، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى صورة أو تـمثال وجه يعقوب عاضًّا علـى أصبعه، فخرجت شهوته من أنامله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو بن العَنْقزي، عن إسرائيـل، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: مثل له يعقوب،فضرب فـي صدره، فخرجت شهوته من أنامله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا مـحمد بن بشر، عن مسعر، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير: لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه قال: رأى تـمثال وجه أبـيه قائلاً بكفه، هكذا وبسط كفه، فخرجت شهوته من أنامله.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن سفـيان، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: مُثِّل له يعقوب عاضًّا علـى أصابعه، فضرب صدره، فخرجت شهوته من أنامله.

حدثنا يونس بن عبد الأعلـى، قال: ثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرنـي ابن جريج، عن ابن أبـي ملـيكة، عن ابن عبـاس، فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى صورة يعقوب واضعاً أنـملته علـى فـيه يتوعده، ففرّ.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا يحيى بن عبـاد، قال: ثنا جرير بن حازم، قال سمعت عبد الله بن أبـي ملـيكة يحدّث، عن ابن عبـاس، فـي قوله: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها } قال: حين رأى يعقوب فـي سقـف البـيت، قال: فنزعت شهوته التـي كان يجدها حتـى خرج يسعى إلـى بـاب البـيت، فتبعته الـمرأة.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع. وحدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن قرة بن خالد السدوسي، عن الـحسن، قال: زعموا والله أعلـم أن سقـف البـيت انفرج، فرأى يعقوب عاضًّا علـى أصابعه.

حدثنـي يعقوب، قال: ثنا ابن علـية، عن يونس، عن الـحسن، فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى تـمثال يعقوب عاضًّا علـى أصبعه يقول: يوسف، يوسف

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا ابن علـية، عن يونس، عن الـحسن، نـحوه.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا عمرو العنقزي، قال: أخبرنا سفـيان الثوري، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى تـمثال وجه يعقوب، فخرجت شهوته من أنامله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يحيى بن يـمان، عن سفـيان، عن علـيّ بن بذيـمة، عن سعيد بن جبـير، قال: رأى صورة فـيها وجه يعقوب عاضًّا علـى أصابعه، فدفع فـي صدره، فخرجت شهوته من أنامله. فكلّ ولد يعقوب ولد له اثنا عشر رجلاً إلا يوسف، فإنه نقص بتلك الشهوة ولـم يولد له غير أحد عشر.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي يونس بن زيد، عن ابن شهاب، أن حميد بن عبد الرحمن أخبره: أن البرهان الذي رأى يوسف يعقوب.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا عيسى بن الـمنذر، قال: ثنا أيوب بن سويد، قال: ثنا يونس بن يزيد الإيـلـي، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، مثله.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مـجاهد: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: مثل له يعقوب.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مـجاهد، مثله.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: يعقوب.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا شبـابة، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: مثل له يعقوب.

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد أنه قال: جلس منها مـجلس الرجل من امرأته حتـى رأى صورة يعقوب فـي الـجدار.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن منصور، عن مـجاهد، فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: مُثِّل له يعقوب.

حدثني الـمثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن القاسم بن أبـي بزة، قال: نودي: يا ابن يعقوب، لا تكوننّ كالطير له ريش فإذا زنى قعد لـيس له ريش فلـم يعرض للنداء وقعد، فرفع رأسه، فرأى وجه يعقوب عاضًّا علـى أصبعه، فقام مرعوبـاً استـحياء من الله تعالـى ذكره. فذلك قول الله سبحانه وتعالـى: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } وجه يعقوب.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن النضر بن عربـي، عن عكرمة، قال: مثل له يعقوب عاضًّا علـى أصابعه.

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن نضر بن عربـيّ، عن عكرمة، مثله.

حدثنـي الـحارث، قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا قـيس، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير، قال: مثل له يعقوب، فدفع فـي صدره، فخرجت شهوته من أنامله.

قال: ثنا عبد العزيز، قال: ثنا سفـيان، عن علـيّ بن بذيـمة، قال: كان يولد لكلّ رجل منهم اثنا عشر ابناً إلا يوسف، ولد له أحد عشر من أجل ما خرج من شهوته.

حدثني يونس، قال: أخبرنا: ابن وهب، قال: قال أبو شريح: سمعت عبـيد الله بن أبـي جعفر يقول: بلغ من شهوة يوسف أن خرجت من بنانه.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا يعلـي بن عبيد، عن مـحمد الخراسانيّ، قال: سألت مـحمد بن سيرين، عن قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: مثل له يعقوب عاضًّا علـى أصابعه يقول: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيـم خـلـيـل الله، اسمك فـي الأنبـياء وتعمل عمل السفهاء؟

حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا يزيد بن زريع، عن يونس، عن الحسن، فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى يعقوب عاضًّا علـى أصبعه يقول: يوسف

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، قال: قال قتادة: رأى صورة يعقوب، فقال: يا يوسف تعمل عمل الفجار، وأنت مكتوب فـي الأنبـياء؟ فـاستـحيا منه.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } رأى آية من آيات ربه، حجزه الله بها عن معصيته ذُكر لنا أنه مُثِّلَ له يعقوب حتـى كلـمه، فعصمه الله ونزع كلّ شهوة كانت فـي مفـاصله.

قال: ثنا سعيد عن قتادة، عن الـحسن: أنه مثل له يعقوب وهو عاضّ علـى أصبع من أصابعه.

حدثنـي يعقوب، قال: ثنا هشيـم، قال: أخبرنا إسماعيـل بن أبـي سالـم، عن أبـي صالـح، قال: رأى صورة يعقوب فـي سقـف البـيت عاضًّا علـى إصبعه يقول: يا يوسف يعنـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه }.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن منصور ويونس عن الـحسن، فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى صورة يعقوب فـي سقـف البـيت عاضًّا علـى أصبعه.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن إسماعيـل بن أبـي سالـم، عن أبـي صالـح مثله، وقال عاضًّا علـى أصبعه يقول: يوسف، يوسف

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب القمى، عن حفص بن حميد، عن شمر بن عطية، قال: نظر يوسف إلـى صورة يعقوب عاضًّا علـى أصبعه يقول: يا يوسف فذاك حيث كفّ، وقام فـاندفع.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحمانـي، قال: ثنا شريك، عن سالـم وأبـي حصين، عن سعيد بن جبـير: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى صورة فـيها وجه يعقوب عاضًّا علـى أصابعه، فدفع فـي صدره فخرجت شهوته من بـين أنامله.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا أبو نعيـم، قال: ثنا مسعر، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: رأى تـمثال وجه أبـيه، فخرجت الشهوة من أنامله.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا يحيى بن عبـاد، قال: ثنا أبو عوانة، عن إسماعيـل بن سالـم، عن أبـي صالـح: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: تـمثال صورة يعقوب فـي سقـف البـيت.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا جعفر بن سلـيـمان، عن يونس بن عبـيد، عن الـحسن، قال: رأى يعقوب عاضًّا علـى يده.

قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوريّ، عن أبـي حصين، عن سعيد بن جبـير، فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: يعقوب ضرب بـيده علـى صدره، فخرجت شهوته من أنامله.

حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ قال: أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } آية من ربه يزعمون أنه مثل له يعقوب، فـاستـحيا منه.

وقال آخرون: بل البرهان الذي رأى يوسف ما أوعد الله عزّ وجلّ علـى الزنا أهله.

ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن أبـي مودود، قال: سمعت مـحمد بن كعب القرظي، قال: رفع يوسف رأسه إلـى سقـف البـيت، فإذا كتاب فـي حائط البـيت: { { لا تَقْرَبُوا الزّنا إنَّهُ كانَ فـاحِشَةً ومقتاً وَساءَ سَبِيلاً } }.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبـي، عن مودود، عن مـحمد بن كعب، قال: رفع يوسف رأسه إلـى سقـف البـيت حين همّ، فرأى كتابـاً فـي حائط البـيت: { { لا تَقْرَبُوا الزّنا إنَّهُ كانَ فَـاحِشَةً وَساءَ سَبِـيلاً } }.

قال: ثنا زيد بن الـحبـاب، عن أبـي معشر، عن مـحمد بن كعب: { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } قال: لولا ما رأى فـي القرآن من تعظيـم الزنا.

حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي نافع بن يزيد، عن أبـي صخر، قال: سمعت القرظي يقول فـي البرهان الذي رأى يوسف: ثلاث آيات من كتاب الله: { { إنَّ عَلَـيْكُمْ لـحَافِظينَ } ... الآية، وقوله: { { ومَا تَكُونُ فِـي شأنٍ } ... الآية، وقوله: { { أفَمَنْ هُوَ قائمٌ علـى كُلّ نَفْسٍ بِـمَا كَسَبَتْ } }. قال نافع: سمعت أبـا هلال يقول مثل قول القُرَظيْ، وزاد آية رابعة: { { وَلا تَقْرَبُوا الزّنا } }.

حدثنا الـحسن بن مـحمد، قال: ثنا عمرو بن مـحمد، قال: أخبرنا أبو معشر، عن مـحمد بن كعب القُرَظيّ { لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّه } فقال: ما حرّم الله علـيه من الزنا.

وقال آخرون: بل رأى تـمثال الـملك. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بها لَوْلا أنْ رأى بُرْهانَ رَبِّهِ } يقول: آيات ربه أرى تمثال الملك.

حدثناابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كان بعض أهل العلم فيما بلغني يقول: البرهان الذي رأى يوسف فصرف عنه السوء والفحشاء: يعقوب عاضًّا على أصبعه، فلما رآه انكشف هارباً. ويقول بعضهم: إنـما هو خيال إطفـير سيده حين دنا من البـاب، وذلك أنه لـما هرب منها واتبعه ألفـياه لدى البـاب.

وأولى الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال: إن الله جلّ ثناؤه أخبر عن همّ يوسف وامرأة العزيز كلّ واحد منهما بصاحبه، لولا أن رأى يوسف برهان ربه، وذلك آية من آيات الله، زجرته عن ركوب ما همّ به يوسف من الفـاحشة. وجائز أن تكون تلك الآية صورة يعقوب، وجائز أن تكون صورة الـملك، وجائز أن يكون الوعيد فـي الآيات التـي ذكرها الله فـي القرآن علـى الزنا، ولا حجة للعذر قاطعة بأيّ ذلك من أيّ. والصواب أن يقال فـي ذلك ما قاله الله تبـارك وتعالـى، والإيـمان به، وترك ما عدا ذلك إلـى عالـمِه.

وقوله: { { كذلكَ لِنَصْرفَ عَنْهُ السُّوءَ والفَحْشاءَ } يقول تعالـى ذكره: كما رأينا يوسف برهاننا علـى الزجر عما همّ به من الفـاحشة، كذلك نسبب له فـي كل ما عرض له من همّ يهمّ به فـيـما لا يرضاه ما يزجره ويدفعه عنه كي نصرف عنه ركوب ما حرّمنا علـيه وإتـيان الزنا، لنطهره من دنس ذلك.

وقوله: { { إنَّهُ مِنْ عِبـادِنا الـمُخْـلَصِينَ } اختلف القرّاء فـي قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الـمدينة والكوفة: { إنَّهُ مِنْ عِبـادِنا الـمُخْـلَصِينَ } بفتـح اللام من «الـمخـلصين»، بتأويـل: إن يوسف من عبـادنا الذين أخـلصناهم لأنفسنا واخترناهم لنبوّتنا ورسالتنا. وقرأ ذلك بعض قرّاء البصرة: «إنَّهُ مِنْ عِبـادِنا الـمُخْـلَصِينَ» بكسر اللام، بـمعنى: أن يوسف من عبـادنا الذين أخـلصوا توحيدنا وعبـادتنا، فلـم يشركوا بنا شيئاً، ولـم يعبدوا شيئاً غيرنا.

والصواب من القول فـي ذلك أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان قد قرأ بهما جماعة كثـيرة من من القرّاء، وهما متفقتا الـمعنى وذلك أن من أخـلصه الله لنفسه فـاختاره، فهو مخـلص لله التوحيد والعبـادة، ومن أخـلص توحيد الله وعبـادته فلـم يشرك بـالله شيئاً، فهو مـمن أخـلصه الله، فبأيتهما قرأ القارىء فهو الصواب مصيب.