خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىۤ إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّيۤ أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
٦٩
-يوسف

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالـى ذكره: ولـما دخـل ولد يعقوب علـى يوسف،{ آوَى إلَـيْهِ أخاهُ } يقول: ضمّ إلـيه أخاه لأبـيه وأمه، وكلٌّ أخوه لأبـيه. كما:

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو، عن أسبـاط، عن السّدّي: { وَلَـمَّا دَخَلُوا على يُوسُفَ آوَى إلَـيْهِ أخاهُ } قال: عرف أخاه، فأنزلهم منزلاً، وأجرى علـيهم الطعام والشراب فلـما كان اللـيـل جاءهم بُـمُثل، فقال: لـينـم كلّ أخوين منكم علـى مِثال فلـما بقـي الغلام وحده، قال يوسف: هذا ينام معي علـى فراشي. فبـات معه، فجعل يوسف يشُمّ ريحه، ويضمه إلـيه حتـى أصبح، وجعل رُوبـيـل يقول: ما رأينا مثل هذا، أريحونا منه.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: لـما دخـلوا، يعنـي ولد يعقوب علـى يوسف، قالوا: هذا أخونا الذي أمرتنا أن نأتـيك به، قد جئناك به فذكر لـي أنه قال لهم: قد أحسنتـم وأصبتـم، وستـجدون ذلك عندي، أو كما قال. ثم قال: إنـي أراكم رجالاً، وقد أردت أن أكرمكم، ودعا ضافته، فقال: أنزل كل رجلـين علـى حدة، ثم أكرمهما وأحسن ضيافتهما ثم قال: إنـي أرى هذا الرجل الذي جئتـم به لـيس معه ثان، فسأضمه إلـيّ، فـيكون منزله معي. فأنزلهم رجلـين رجلـين فـي منازل شتـى، وأنزل أخاه معه، فآواه إلـيه، فلـما خلا به { قالَ إنّـي أنا أخُوكَ } أنا يوسف { فَلا تَبْتَئِسْ } بشيء فعلوه بنا فـيـما مضى، فإن الله قد أحسن إلـينا، ولا تعلـمهم شيئاً مـما أعلـمتك. يقول الله: { وَلـمَّا دَخَـلُوا علـى يُوسُفَ آوَى إلَـيه أخاهُ قالَ إنّـي أنا أخُوكَ فَلا فَلا تَبْتَئِسْ بِـمَا كانُوا يَعْمَلُونَ }.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { وَلَـمَّا دَخَـلُوا علـى يُوسُفَ آوَى إلَـيْهِ أخاهُ } ضمه إلـيه وأنزله، وهو بنـيامين.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا إسماعيـل بن عبد الكريـم، قال: ثنـي عبد الصمد بن معقل قال: سمعت وهب بن منبه، يقول، وسئل عن قول يوسف: { وَلَـمَّا دَخَـلُوا علـى يُوسُفَ آوَى إلَـيْهِ أخاهُ قالَ إنّـي أنا أخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بِـمَا كانُوا يَعْمَلُونَ } كيف أجابه حين أخِذ بـالصواع، وقد كان أخبره أنه أخوه وأنتـم تزعمون أنه لـم يزل متنكراً لهم يكايدهم، حتـى رجعوا، فقال: إنه لـم يعترف له بـالنسبة، ولكنه قال: أنا أخوك مكان أخيك الهالك،{ فَلا تَبْتَئِسْ بِـمَا كانُوا يَعْمَلُونَ } يقول: لا يحزنك مكانه.

وقوله: { فَلا تَبْتَئِسْ } يقول: فلا تستكِنْ ولا تـحزن، وهو: «فلا تفتعل» من «البؤس»، يقال منه: ابتأس يبتئس ابتئاساً.

وبنـحو ما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { فَلا تَبْتَئِسْ } يقول: فلا تـحزن، ولا تـيأس.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا إسماعيـل بن عبد الكريـم، قال: ثنـي عبد الصمد، قال: سمعت وهب بن منبه يقول: { فَلا تَبْتَئِسْ } يقول: لا يحزنك مكانه.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا عمرو، عن أسبـاط، عن السديّ: { فَلا تَبْتَئِسْ بِـمَا كانُوا يَعْمَلُونَ } يقول: لا تـحزن علـى ما كانوا يعملون.

فتأويـل الكلام إذن: فلا تـحزن ولا تستكن لشيء سلف من إخوتك إلـيك فـي نفسك وفـي أخيك من أمك، وما كانوا يفعلون قبل الـيوم بك.