خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ ٱلْمُجْرِمِينَ
١٢
لاَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ ٱلأَوَّلِينَ
١٣
-الحجر

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالـى ذكره: كما سلكنا الكفر فـي قلوب شيع الأوّلـين. بـالاستهزاء بـالرسل، كذلك نفعل ذلك فـي قلوب مشركي قومك الذين أجرموا بـالكفر بـالله { لا يُوءْمِنُونَ بِهِ } يقول: لا يصدّقون: بـالذكر الذي أنزل إلـيك. والهاء فـي قوله: { نَسْلُكُهُ } من ذكر الاستهزاء بـالرسل والتكذيب بهم كما:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج: { كذلكَ نَسْلُكُهُ فِـي قُلُوبِ الـمُـجْرِمِينَ } قال: التكذيب.

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: { كذلكَ نَسْلُكُهُ فِـي قُلُوبِ الـمُـجْرِمِينَ } لا يؤمنون به، قال: إذا كذبوا سلك الله فـي قلوبهم أن لا يؤمنوا به.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن حميد، عن الـحسن، فـي قوله: { كذلكَ نَسْلُكُهُ فِـي قُلُوبِ الـمُـجْرِمِينَ } قال: الشرك.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا الـحجاج بن الـمنهال، قال: ثنا حماد بن سلـمة، عن حميد، قال: قرأت القرآن كله علـى الـحسن فـي بـيت أبـي خـلـيفة، ففسره أجمع علـى الإثبـات، فسألته عن قوله: { كذلكَ نَسْلُكُهُ فِـي قُلُوبِ الـمُـجْرِمِينَ } قال: أعمال سيعملونها لـم يعملونها.

حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك عن حماد بن سلـمة، عن حميد الطويـل، قال: قرأت القرآن كله علـى الـحسن، فما كان يفسره إلا علـى الإثبـات، قال: وقـفته علـى «نسلكه»، قال: الشرك. قال: ابن الـمبـارك: سمعت سفـيان يقول فـي قوله: { نَسْلُكُهُ } قال: نـجعله.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: { كذلكَ نَسْلُكُهُ فِـي قُلُوبِ الـمُـجْرِمِينَ لا يُوءْمِنُونَ بِهِ } قال: هم كما قال الله، هو أضلهم ومنعهم الإيـمان.

يقال منه: سَلَكَه يَسْلُكُه سَلْكاً وسُلُوكاً، وأسلكه يُسْلِكه إسلاكاً ومن السلوك قول عديّ بن زيد:

وكنْت لِزَازَ خَصْمِكَ لَـمْ أُعَرّدْوَقَدْ سَلَكوكَ فـي يَوْم عَصِيبِ

ومن الإسلاك قول الآخر:

حتـى إذَا أسْلَكُوهُمْ فـي قُتائِدَةٍشَلاًّ كمَا تُطْرَدُ الـجَمَّالَةُ الشُّرُدَا

وقوله: { وَقَدْ خَـلَتْ سُنَّةُ الأوّلِـينَ } يقول تعالـى ذكره: لا يؤمن بهذا القرآن قومك الذين سلكت فـي قلوبهم التكذيب، { { حتـى يَرَوُا العَذَابَ الألِـيـمَ } أخذا منهم سنة أسلافهم من الـمشركين قبلهم من قوم عاد وثمود وضربـائهم من الأمـم التـي كذّبت رسلها، فلـم تؤمن بـما جاءها من عند الله حتـى حلّ بها سخط الله فهلكت.

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { كذلكَ نَسْلُكُهُ فِـي قُلُوبِ الـمُـجْرِمِينَ لا يُوءْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَـلَتْ سُنَّةُ الأوّلِـينَ } وقائع الله فـيـمن خلا قبلكم من الأمـم.