خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً
٥٢
وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً
٥٣
-الإسراء

جامع البيان في تفسير القرآن

يقول تعالـى ذكره: قل عسى أن يكون بعثكم أيها الـمشركون قريبـاً، ذلك يوم يدعوكم ربكم بـالـخروج من قبوركم إلـى موقـف القـيامة، { فتستـجيبون بحمده }.

اختلف أهل التأويـل فـي معنى قوله:{ فتَسْتَـجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } فقال بعضهم: فتستـجيبون بأمره. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي علـيّ، قال: ثنـي عبد الله، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَـجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } يقول: بأمره.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج { فَتَسْتَـجِيبُونَ بِحَمْدِهِ } قال: بأمره.

وقال آخرون: معنى ذلك: فتستـجيبون بـمعرفته وطاعته. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَـجِيبُونَ بِحَمْدِهِ }: أي بـمعرفته وطاعته.

وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب أن يقال: معناه: فتستـجيبون لله من قبوركم بقدرته، ودعائه إياكم. ولله الـحمد فـي كلّ حال، كما يقول القائل: فعلت ذلك الفعل بحمد الله، يعنـي: لله الـحمد عن كلّ ما فعلته، وكما قال الشاعر:

فإنّـي بِحَمْد الله لا ثَوْبَ فـاجِرٍلَبِسْتُ وَلا مِنْ غَدْرَةٍ أتَقَنَّعُ

بـمعنى: فإنـي والـحمد لله لا ثوب فـاجر لبست.

وقوله: { وَتَظُنُّونَ إنْ لَبثْتُـمْ إلاَّ قَلِـيلاً } يقول: وتـحسِبون عند موافـاتكم القـيامة من هول ما تعاينون فـيها ما لبثتـم فـي الأرض إلا قلـيلاً، كما قال جلّ ثناؤه { قالَ كَمْ لَبِثْتُـمْ فِـي الأرْض عَدَدَ سِنِـينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أوْ بَعْضَ يَوْمٍ فـاسألِ العادّينَ } . وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَتَظُنُّونَ إنْ لَبِثْتُـمْ إلاَّ قَلِـيلاً }: أي فـي الدنـيا، تـحاقرت الدنـيا فـي أنفسهم وقلَّت، حين عاينوا يوم القـيامة.

وقوله: { وَقُلْ لِعِبـادِي يَقُولُوا التـي هِيَ أحْسَنُ } يقول تعالـى ذكره لنبـيه مـحمد صلى الله عليه وسلم: وقل يا مـحمد لعبـادي يقل بعضهم لبعض التـي هي أحسن من الـمـحاورة والـمخاطبة. كما:

حدثنا خلاد بن أسلـم، قال: ثنا النضر، قال: أخبرنا الـمبـارك، عن الـحسن فـي هذه الآية { وَقُلْ لِعِبـادِي يَقُولُوا التـي هِيَ أحْسَنُ } قال: التـي هي أحسن، لا يقول له مثل قوله يقول له: يرحمك الله يغفر الله لك.

وقوله: { إنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَـيْنَهُمْ } يقول: إن الشيطان يسوء مـحاورة بعضهم بعضاً ينزغ بـينهم، يقول: يفسد بـينهم، يهيج بـينهم الشرّ { إنَّ الشَّيْطانَ كانَ للإنْسانِ عَدُوّاً مُبِـيناً } يقول: إن الشيطان كان لآدم وذرّيته عدوّاً، قد أبـان لهم عداوته بـما أظهر لآدم من الـحسد، وغروره إياه حتـى أخرجه من الـجنة.