خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّءْيَا ٱلَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِي ٱلقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً
٦٠
-الإسراء

جامع البيان في تفسير القرآن

وهذا حضّ من الله تعالـى ذكره نبـيه مـحمداً صلى الله عليه وسلم، علـى تبلـيغ رسالته، وإعلام منه أنه قد تقدّم منه إلـيه القول بأنه سيـمنعه من كلّ من بغاه سوءاً وهلاكاً، يقول جلّ ثناؤه: واذكر يا مـحمد إذ قلنا لك إن ربك أحاط بـالناس قدرة، فهم فـي قبضته لا يقدرون علـى الـخروج من مشيئته، ونـحن مانعوك منهم، فلا تتهيَّب منهم أحدا، وامض لـما أمرناك به من تبلـيغ رسالتنا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا عبد الصمد، قال: ثنا شعبة، عن أبـي رجاء، قال: سمعت الـحسن يقول: أحاط بـالناس، عصمك من الناس.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا أبو بكر الهُذلـي، عن الـحسن { وَإذْ قُلْنا لَكَ إنَّ رَبَّكَ أحاطَ بـالنَّاسِ } قال: يقول: أحطت لك بـالعرب أن لا يقتلوك، فعرف أنه لا يُقتل.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد { أحاطَ بـالنَّاسِ } قال: فهم فـي قبضته.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا أبو سفـيان، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبـير قوله { أحاطَ بـالنَّاسِ } قال: منعك من الناس. قال معمر، قال قتادة، مثله.

حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله { وَإذْ قُلْنا لَكَ إنَّ رَبَّك أحاطَ بـالنَّاسِ } قال: منعك من الناس.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَإذْ قُلْنا لَكَ إنَّ رَبَّكَ أحاطَ بـالنَّاسِ } أي منعك من الناس حتـى تبلِّغ رسالة ربك.

وقوله: { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ } اختلف أهل التأويـل فـي ذلك، فقال بعضهم: هو رؤيا عين، وهي ما رأى النبـيّ صلى الله عليه وسلم لـما أُسري به من مكة إلـى بـيت الـمقدس. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا مالك بن إسماعيـل، قال: ثنا ابن عيـينة، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عبـاس فـي قوله { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ } قال: هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم لـيـلة أُسري به، ولـيست برؤيا منام.

حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا سفـيان بن عيـينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عبـاس، سُئِل عن قوله { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاَّ فتْنَةً للنَّاسِ } قال: هي رؤيا عين رآها النبـيّ صلى الله عليه وسلم لـيـلة أُسري به.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيـينة، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عبـاس، بنـحوه.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام، قال: ثنا عمرو، عن فرات القزاز، عن سعيد بن جبـير { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ } قال: كان ذلك لـيـلة أُسري به إلـى بـيت الـمقدس، فرأى ما رأى فكذّبه الـمشركون حين أخبرهم.

حدثنـي يعقوب، قال: ثنا ابن علـية، عن أبـي رجاء، عن الـحسن، في قوله { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ } قال: أسري به عشاء إلـى بـيت الـمقدس، فصلـى فـيه، وأراه الله ما أراه من الآيات، ثم أصبح بـمكة، فأخبرهم أنه أُسري به إلـى بـيت الـمقدس، فقالوا له: يا مـحمد ما شأنك، أمسيت فـيه، ثم أصبحت فـينا تـخبرنا أنك أتـيت بـيت الـمقدس، فعجبوا من ذلك حتـى ارتدّ بعضهم عن الإسلام.

حدثنا مـحمد بن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الـحسن، فـي قوله { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أريْناكَ إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ } قال: قال كفـار أهل مكة: ألـيس من كذب ابن أبـي كبشة أنه يزعم أنه سار مسيرة شهرين فـي لـيـلة.

حدثنـي أبو حصين، قال: ثنا عبثر، قال: ثنا حصين، عن أبـي مالك فـي هذه الآية { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ } قال: مسيره إلـى بـيت الـمقدس.

حدثنـي أبو السائب ويعقوب، قالا: ثنا ابن إدريس، عن الـحسن بن عبد الله، عن أبـي الضحى، عن مسروق فـي قوله { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ } قال: حين أُسري به.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفـيان، عن منصور، عن إبراهيـم { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ } قال: لـيـلة أُسري به.

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاَّ فتْنَةً للنَّاس } قال: الرؤيا التـي أريناك فـي بـيت الـمقدس حين أُسري به، فكانت تلك فتنة الكافر.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ } يقول: أراه الله من الآيات والعبر فـي مسيره إلـى بـيت الـمقدس.

ذُكر لنا أن ناسا ارتدّوا بعد إسلامهم حين حدثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بـمسيره، أنكروا ذلك وكذّبوا له، وعجبوا منه، وقالوا: تـحدّثنا أنك سرت مسيرة شهرين فـي لـيـلة واحدة.

حدثنـي محمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ } قال: هو ما أُري فـي بـيت الـمقدس لـيـلة أُسري به.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ } قال: أراه الله من الآيات فـي طريق بـيت الـمقدس حين أُسري به، نزلت فريضة الصلاة لـيـلة أُسري به قبل أن يهاجر بسنة وتسع سنـين من العشر التـي مكثها بـمكة، ثم رجع من لـيـلته، فقالت قريش: تعشى فـينا وأصبح فـينا، ثم زعم أنه جاء الشام فـي لـيـلة ثم رجع، وايـم الله إن الـحدأة لتـجيئها شهرين: شهراً مقبلة، وشهراً مُدبرة.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا الَّتـي أرَيْناكَ إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ } قال: هذا حين أُسري به إلـى بـيت الـمقدس، افتتن فـيها ناس، فقالوا: يذهب إلـى بـيت الـمقدس ويرجع فـي لـيـلة وقال: "لَـمَّا أتانـي جَبْرائيـلُ عَلَـيْهِ السَّلامُ بـالبُرَاقِ لِـيَحْمِلَنـي عَلَـيْها صَرَّتْ بأذُنَـيْها، وَانْقَبَض بَعْضُها إلـى بَعْضٍ، فَنَظَرَ إلَـيْها جَبْرائيـلُ، فقالَ: وَالَّذِي بَعَثَنِـي بـالـحَقّ منْ عِنْدِهِ ما رَكِبَكَ أحَدٌ مِنْ وَلَدِ آدَمَ خَيْرٌ مِنْهُ" ، قالَ: "فَصرَّتْ بأُذُنَـيْها وَارْفَضَّتْ عَرَقاً حتـى سالَ ما تَـحْتَها، وكانَ مُنْتَهَى خَطْوها عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفها" فلـما أتاهم بذلك، قالوا: ما كان مـحمد لـينتهي حتـى يأتـي بكذبة تـخرج من أقطارها، فأتوا أبـا بكر رضي الله عنه، فقالوا: هذا صاحبك يقول كذا وكذا، فقال: وقد قال ذلك؟ قالوا: نعم، فقال: إن كان قد قال ذلك فقد صدق، فقالوا: تصدّقه إن قال ذهب إلـى بـيت الـمقدس ورجع فـي لـيـلة؟ فقال أبو بكر: إي، نزع الله عقولكم، أصدّقه بخبر السماء، والسماء أبعد من بـيت الـمقدس، ولا أصدّقه بخبر بـيت الـمقدس؟ قالوا للنبـيّ صلى الله عليه وسلم: إنا قد جئنا بـيت الـمقدس فصفه لنا، فلـما قالوا ذلك، رفعه الله تبـارك وتعالـى ومثله بـين عينـيه، فجعل يقول: «هو كذا، وفـيه كذا»، فقال بعضهم: وأبـيكم إن أخطأ منه حرفـا، فقالوا: هذا رجل ساحر.

حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: ثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ } يعنـي لـيـلة أُسري به إلـى بـيت الـمقدس، ثم رجع من لـيـلته، فكانت فتنة لهم.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحرث، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله { الرُّؤيا التـي أرَيْناكَ } قال: حين أُسري بـمـحمد صلى الله عليه وسلم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، بنـحوه.

وقال آخرون: هي رؤياه التـي رأى أنه يدخـل مكة. ذكر من قال ذلك:

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله: { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ } قال: يقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُري أنه دخـل مكة هو وأصحابه، وهو يومئذٍ بـالـمدينة، فعجَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلـى مكة قبل الأجل، فردّه الـمشركون، فقالت أناس: قد ردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كان حدثنا أنه سيدخـلها، فكانت رجعته فتنتهم.

وقال آخرون مـمن قال: هي رؤيا منام: إنـما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى فـي منامه قوما يعلون منبره. ذكر من قال ذلك:

حُدثت عن مـحمد بن الـحسن بن زبـالة، قال: ثنا عبد الـمهيـمن بن عبـاس بن سهل بن سعد، قال: ثنـي أبـي، عن جدّي، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنـي فلان ينزون علـى منبره نزو القردة، فساءه ذلك، فما استـجمع ضاحكا حتـى مات. قال: وأنزل الله عزّ وجلّ فـي ذلك { وَما جَعَلْنا الرُّؤْيا التـي أرَيْناكَ إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ }... الآية.

وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب، قول من قال: عنى به رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى من الآيات والعبر فـي طريقه إلـى بـيت الـمقدس، وبـيت الـمقدس لـيـلة أُسري به، وقد ذكرنا بعض ذلك فـي أوّل هذه السورة.

وإنـما قُلنا ذلك أولـى بـالصواب، لإجماع الـحجة من أهل التأويـل علـى أن هذه الآية إنـما نزلت فـي ذلك، وإياه عنى الله عزّ وجلّ بها، فإذا كان ذلك كذلك، فتأويـل الكلام: وما جعلنا رؤياك التـي أريناك لـيـلة أسرينا بك من مكة إلـى بـيت الـمقدس، إلاَّ فتنة للناس: يقول: إلا بَلاء للناس الذين ارتدّوا عن الإسلام، لـمَّا أُخبروا بـالرؤيا التـي رآها علـيه الصلاة والسلام، وللـمشركين من أهل مكة الذين ازدادوا بسماعهم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم تـمادياً فـي غيهم، وكفراً إلـى كفرهم، كما:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { إلاَّ فِتْنَةً للنَّاسِ }.

وأما قوله: { والشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ } فإن أهل التأويـل اختلفوا فـيها، فقال بعضهم: هي شجرة الزَّقُّوم. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا مالك بن إسماعيـل، قال: ثنا أبو عبـيدة، عن عمرو، عن عكرمة، عن ابن عبـاس { والشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ } قال: شجرة الزَّقوم.

حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس، قوله { والشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ } قال: هي شجرة الزقوم. قال أبو جهل: أيخوّفنـي ابن أبـي كبشة بشجرة الزَّقوم، ثم دعا بتـمر وزُبد، فجعل يقول: زقمنـي، فأنزل الله تعالـى { طَلْعُها كأنَّهُ رُءُوسُ الشَّياطِين } وأنزل { ونُـخَوّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إلاَّ طُغْياناً كَبِـيراً }.

حدثنـي أبو السائب ويعقوب، قالا: ثنا ابن إدريس، عن الـحسن بن عبـيد الله، عن أبـي الضحى، عن مسروق { والشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ } قال: شجرة الزَّقوم.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن الـحسن بن عبـيد الله، عن أبـي الضحى، عن مسروق، مثله.

حدثنـي يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَـية، عن أبـي رجاء، عن الـحسن، فـي قوله { والشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ } فإن قريشاً كانوا يأكلون التـمر والزبد، ويقولون: تزقموا هذا الزقوم. قال أبو رجاء: فحدثنـي عبد القدّوس، عن الـحسن، قال: فوصفها الله لهم فـي الصافـات.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الـحسن، قال: قال أبو جهل وكفـار أهل مكة: ألـيس من كذب ابن أبـي كبَشة أنه يوعدكم بنار تـحترق فـيها الـحجارة، ويزعم أنه ينبت فـيها شجرة؟ { والشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ } قال: هي شجرة الزَّقوم.

حدثنـي عن عبد الله بن أحمد بن يونس، قال: ثنا عبثر، قال: ثنا حصين، عن أبـي مالك فـي هذه الآية { والشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ } قال: شجرة الزقوم.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا هشيـم، عن حصين، عن أبـي مالك، قال فـي قوله { والشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ } قال: هي شجرة الزقوم.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله بن الـمبـارك، عن رجل يقال له بدر، عن عكرمة، قال: شجرة الزقوم.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا إسرائيـل، عن فرات القزّار، قال: سُئل سعيد بن جبـير عن الشجرة الـملعونة، قال: شجرة الزقوم.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا هشيـم، عن عبد الـملك العَزْرميّ، عن سعيد بن جبـير { وَالشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ } قال: شجرة الزقوم.

حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفـيان، عن منصور، عن إبراهيـم، بـمثله.

حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنـي الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد { والشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ } قال: الزقوم.

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن أبـي الـمَـحجل، عن أبـي معشر، عن إبراهيـم، أنه كان يحلف ما يستثنـي، أن الشجرة الـملعونة: شجرة الزقوم.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيـل، عن فُرات القزاز، قال: سألت سعيد بن جبـير، عن الشجرة الـملعونة فـي القرآن، قال: شجرة الزَّقوم.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيـينة، عن عمرو، عن عكرمة عن ابن عبـاس، قال: هي الزقوم.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله { والشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ ونُـخَوّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إلاَّ طُغْياناً كَبِـيراً } وهي شجرة الزقوم، خوّف الله بها عبـاده، فـافتتنوا بذلك، حتـى قال قائلهم أبو جهل بن هشام: زعم صاحبكم هذا أن فـي النار شجرة، والنار تأكل الشجر، وإنا والله ما نعلـم الزقوم إلاَّ التـمر والزبد، فتزقموا، فأنزل الله تبـارك وتعالـى حين عجبوا أن يكون فـي النار شجرة: { { إِنَّها شَجَرَةٌ تـخْرُجُ فـي أصْلِ الـجَحِيـمِ طَلْعُها كأنَّهُ رُءُوسُ الشَّياطِينِ } ، إنـي خـلقتها من النار، وعذّبت بها من شئت من عبـادي.

حدثنا ابن عبد الأعلـى، قال: ثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة { والشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ } قال: الزقوم وذلك أن الـمشركين قالوا: يخبرنا هذا أن فـي النار شجرة، والنار تأكل الشجر حتـى لا تدع منه شيئا، وذلك فتنة.

حُدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ يقول: ثنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك يقول فـي قوله { والشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ } قال: شجرة الزقوم.

حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله { والشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ } الزقوم التـي سألوا الله أن يـملأ بـيوتهم منها. وقال: هي الصَّرَفـان بـالزبد تتزقمه، والصرفـان: صنف من التـمر. قال: وقال أبو جهل: هي الصرفـان بـالزبد، وافتتنوا بها.

وقال آخرون: هي الكَشُوث. ذكر من قال ذلك:

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا مـحمد بن إسماعيـل بن أبـي فديك، عن ابن أبـي ذئب، عن مولـى بنـي هاشم حدثه، أن عبد الله بن الـحارث بن نوفل، أرسله إلـى ابن عبـاس، يسأله عن الشجرة الـملعونة فـي القرآن؟ قال: هي هذه الشجرة التـي تلوي علـى الشجرة، وتـجعل فـي الـماء، يعنـي الكشوثـي.

وأولـى القولـين فـي ذلك بـالصواب عندنا قول من قال: عنى بها شجرة الزقوم، لإجماع الـحجة من أهل التأويـل علـى ذلك. ونصبت الشجرة الـملعونة عطفـاً بها علـى الرؤيا. فتأويـل الكلام إذن: وما جعلنا الرؤيا التـي أريناك، والشجرة الـملعونة فـي القرآن إلاَّ فتنة للناس، فكانت فتنتهم فـي الرؤيا ما ذكرت من ارتداد من ارتدّ، وتـمادِي أهل الشرك فـي شركهم، حين أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بـما أراه الله فـي مسيره إلـى بـيت الـمقدس لـيـلة أُسريَ به. وكانت فتنتهم فـي الشجرة الـملعونة ما ذكرنا من قول أبـي جهل والـمشركين معه: يخبرنا مـحمد أن فـي النار شجرة نابتة، والنار تأكل الشجر فكيف تنبت فـيها؟

وقوله: { ونُـخَوّفُهُمْ فَمَا يَزيدُهُمْ إلاَّ طُغْياناً كَبِـيراً } يقول: ونـخوّف هؤلاء الـمشركين بـما نتوعدهم من العقوبـات والنكال، فما يزيدهم تـخويفنا إلاَّ طغياناً كبـيراً، يقول: إلاَّ تـماديا وغياً كبـيراً فـي كفرهم وذلك أنهم لـما خُوّفوا بـالنار التـي طعامهم فـيها الزقوم دعوا بـالتـمر والزبد، وقالوا: تزقموا من هذا. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك، قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك وقد تقدّم ذكر بعض من قال ذلك، ونذكر بعض من بقـي:

حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، قال قال ابن جريج { وَالشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ } قال: طلعها كأنه رءوس الشياطين، والشياطين ملعونون. قال { والشَّجَرَةَ الـمَلْعُونَةَ فِـي القُرآنِ } لـما ذكرها زادهم افتتاناً وطغياناً، قال الله تبـارك وتعالـى، { ونـخوِّفُهُم فَمَا يَزِيدُهُمْ إلاَّ طُغْياناً كَبِـيراً }.القول في تأويل قوله تعالى: