يقول تعالـى ذكره: فلـما قال قومها ذلك لها قالت لهم ما أمرها عيسى بقـيـله لهم، ثم أشارت لهم إلـى عيسى أن كلِّـموه، كما:
حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: لـما قالوا لها:
{ ما كانَ أبُوكِ امْرأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا } قالت لهم ما أمرها الله به، فلـما أرادوها بعد ذلك علـى الكلام أشارت إلـيه، إلـى عيسى. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: { فأشارَتْ إلَـيهِ } قال: أمرتهم بكلامه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه { فأشارَتْ إلَـيهِ } يقول: أشارت إلـيه أن كلِّـموه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قوله { فأشارَتْ إلَـيهِ } أن كَلِّـموه.
وقوله: { قالُوا كَيْفَ نُكَلِّـمُ مَنْ كانَ فِـي الـمَهْدِ صَبِـيًّا } يقول تعالـى ذكره: قال قومها لها: كيف نكلـم من وُجد فـي الـمهد؟ وكان فـي قوله { مَنْ كانَ فِـي الـمَهْدِ صَبِـيًّا } معناها التـمام، لا التـي تقتضي الـخبر، وذلك شبـيه الـمعنى بكان التـي فـي قوله
{ { هَلْ كُنْتُ إلاَّ بَشَراً رَسُولاً } وإنـما معنى ذلك: هل أنا إلا بشر رسول؟ وهل وجدت أو بعثت وكما قال زهير بن أبـي سُلْـمَى:زَجَرْتُ علَـيْهِ حُرَّةً أرْحَبِـيَّةًوَقَدْ كانَ لَوْنُ اللَّـيْـلِ مِثْلَ الأرَنْدَجِ
بـمعنى: وقد صار أو وُجد. وقـيـل: إنه عنـي بـالـمهد فـي هذا الـموضع: حجر أمه. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { مَنْ كانَ فِـي الـمَهْدِ صَبِـيًّا } والـمهد: الـحجر.
قال أبو جعفر: وقد بـيَّنا معنى الـمهد فـيـما مضى بشواهده، فأغنى عن إعادته فـي هذا الموضع.