يقول تعالـى ذكره: وكثـيرا قصمنا من قرية. والقصم: أصله الكسر، يقال منه: قصمت ظهر فلان إذا كسرته، وانْقَصَمَتْ سِنُّه: إذا انكسرت. وهو ههنا معنـيّ به «أهلكنا»، وكذلك تأوّله أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:
حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الحرث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قوله:{ وكَمْ قَصَمْنا } قال: أهلكنا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، قوله: { وكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ } قال: أهلكناها.
قال ابن جُرَيج: قصمنا من قرية، قال: بـالـيـمن، قصمنا، بـالسيف أُهلكوا.
حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قول الله:{ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ } قال: قصمها أهلكها.
وقوله:{ مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِـمَةً }أجرى الكلام علـى القرية، والـمراد بها أهلها لـمعرفة السامعين بـمعناه. وكأن ظُلْـمَها كُفْرُها بـالله وتكذيبُها رسله. وقوله:{ وأنْشأْنا بَعْدَهَا قَوْما آخَرِينَ } يقول تعالـى ذكره: وأحدثنا بعد ما أهلكنا هؤلاء الظلـمة من أهل هذه القرية التـي قصمناها بظلـمها قوما آخرين سواهم.
وقوله:{ فَلَـمَّا أحَسُّوا بأْسَنا } يقول: فلـما عاينوا عذابنا قد حلّ بهم ورأوه قد وجدوا مَسَّه، يقال منه: قد أحْسَسْتُ من فلان ضعفـا، وأَحَسْتُه منه.{ إذَا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ } يقول: إذا هم مـما أحَسُّوا بأسنا النازل بهم يهربون سراعا عَجْلـىَ يَعْدُون منهزمين، يقال منه: ركض فلان فَرَسَهُ: إذا كَدَّه بسياقته.